تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بين احتلال الصومال ... وإعدام صدام

آلام جديدة ودروس مستفادة

كتبه: الشيخ ياسر برهامي.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

عيد الأضحى يفرح فيه المؤمنون متذكرين معاني الإيمان والتوحيد، ومن أعظمها أن عاقبة الطاعة والصبر على طاعة الله -تعالى- هي دائماً الفرج والفرح والسرور بعد الألم والشدة، فإبراهيم -عليه السلام- استسلم لأمر الله -تعالى- في ذبح ابنه إسماعيل -عليه السلام-، وإذا كان إبراهيم مشفقاً حليماً في عذاب قوم لوط، يجادل ربه عسى أن يؤخر عنهم العذاب، وهم المجرمون المفسدون، فكيف برحمته وشفقته على ابنه الحبيب الحليم الذي أتاه على الكبر ووافقه على طاعة الله؟! وكم قدر الألم الفطري الذي تحمله إبراهيم حباً لله، وإذعانا واستسلاماً لأمره!! وكم قدر صبر إسماعيل -عليه السلام- وهو يستسلم لأمر الله بالذبح وبيد ِأبيه الحنون العطوف الرحيم!! ثم يأتي الفرج في آخر لحظة، وهكذا سنة الله في أوليائه يجعل لهم بعد الضيق مخرجاً، وبعد العسر يسراً، وبعد الشدة والألم سعة وفرحاً وسروراً.

وعيد الأضحى هذا العام مر على المسلمين بآلام جديدة، نسأل الله ونرجوه أن يجعلها مقدمة لفرج وفرح وسعة وسرور كما هي سنته مع المؤمنين في كل العصور.

كان من أشد هذه الآلام ما حل بوطننا الصومال، إذ انضاف إلى قائمة الدول المحتلة المغتصبة إثر غزو إثيوبي فاجر وبمباركة أو قل وكالة أمريكية وإسرائيلية، وبعمالة من باعوا دينهم ووطنهم وأمتهم بعرض خسيس من أعراض الدنيا، وقبلوا أن يدخلوا بلادهم تحت دبابات ومدافع وقصف عدوهم، وصار نموذج حكومات قطاع الطرق هو النموذج المفضل لدى الأعداء، إذا يسلطون على المسلمين عصابات النهب والسلب والفساد في الأرض، ويسمونها حكومات مكافحة الإرهاب، ومع سقوط آخر معاقل المحاكم الإسلامية، وتحالف الجيران ضدهم لم يبق للمسلمين أمل ورجاء إلا في فضل الله ورحمته، راغبين إليه -سبحانه- أن يلهم قادة المسلمين هناك وعلماءهم الطريق الأمثل في معالجة الأزمة التي تحتاج لصبر وجهد وجهاد طويل الأمد، ولا نستطيع أن نلوم المقاتلين المسلمين على الانسحاب السريع، فالقوة غير متكافئة بين ميليشيات خفيفة التسليح، حديثة الولادة لم تكمل عامها الثاني، وبين جيش جرار هو أقوى جيوش المنطقة المدعوم مادياً ومعنوياً من أمريكا وإسرائيل وغيرهما يسعي لإبادة الشعب المسلم في الصومال؛ تصفية لدين أمريكي قديم، وقد قال تعالى-: (الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (لأنفال:66). فأذن الله للمسلمين في الانصراف إذا كانوا أقل من نصف قوة عدوهم مع وجود النية الصالحة بالتحيز إلى مكان يمكن أن يستمر منه الجهاد للعدو المحتل دون إبادة الشعب المسلم. ونسأل الله لهم الثبات والنصر والنجاة، وللشعب المسلم في الصومال وفي كل مكان العافية والتوحد والنصر على الأعداء المحتلين الغاصبين.

وأما الألم الثاني فكان من شماتة الأعداء من الأمريكان واليهود والمنافقين من أهل البدع من الرافضة وغيرهم، بما اختاروا من توقيت محسوب عندهم لتنفيذ حكم الإعدام في صدام حسين صبيحة عيد الأضحى عند أهل السنة -فالشيعة احتفلوا به ثاني أيام العيد وليس مع بقية المسلمين- الذي وإن كان قد ارتكب قبل ذلك من أنواع الفساد في الأرض والصد عن سبيل الله سنين طوال، وحكم بغير ما أنزل الله، وترأس حزب البعث العلماني القومي الخبيث، وجعله العصا الغليظة التي سام بها شعبه سوء العذاب إلا أن خاتمته كان فيها ما يجعل كل مسلم يتورع في شأنه، ونحن نأخذ من هذا دروسا عديدة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير