ـ[عامر بن بهجت]ــــــــ[08 - 01 - 07, 07:04 م]ـ
وهذا مقال آخر من عاقلة أخرى حضرت بعض هذه الدورات:
عنوان المقال:
لكل غربال شدة
حضرت كمن حضر بعض الدورات عن البرمجة اللغوية العصبية التي أصبحت منتشرة في مجتمعنا اليوم بموضوعات مختلفة وتحت عناويين متنوعة وإني بمقالي هذا لا أهاجم هذا العلم المسمى البرمجة اللغوية العصبية ولا أقف ضد أصحابه فلكل منا يوم القيامة بين يدي ربه شأن يغنيه، ولكني وكل مسلم ينبغي أن نقف في وجه كل علم كائنا ماكان إن تطاول بعنقه على كتاب الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم برأي يخالف قولهما.
في إحدى الدورات قال لنا المدرب: من أراد الخشوع في صلاته فلينظر ببصره إلى الجهة ... (وحددها) وسيزداد خشوعا. وبدأ يبرر ويشرح عمل فصي الدماغ وكيف أن هذا التدريب يوصلك إلى درجات عالية من الخشوع!!
فاعترضت وقلت: ولكن الثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يتجه ببصره موضع سجوده وهو القائل عن نفسه فداه أبي وأمي:" أما والله إني لأخشاكم لله و أتقاكم له " وقال أيضا:" صلوا كما رأيتموني أصلي" وقال:" من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ". فأراد المحاضر المبرمج أن يوضح لي الأمر ويثبت صحة ما يقول وليته لم يوضح فقال: جربي بنفسك وسترين النتائج!
واستمر النقاش بيننا ومدربنا يؤكد صحة ما يقول مستدلا بما جاء في علم البرمجة اللغوية العصبية وفلسفات الطاقة الكونية.
تمنيت لو قلت له: غفر الله لك يا أخي، إن رجلا أكل بشماله فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: كل بيمينك. فقال: لا أستطيع فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا استطعت. فما رفع الرجل يده، وأنا أقول لك كان نظر النبي صلى الله عليه وسلم موضع سجوده فتستدل بالتجربة. أخشى والله إن رددت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لقولك ألا يرتد إلي بصري.
أجزم أنه قال ما قال بجهل وربما حسن نية، ولكن كم من كلمة أوردت صاحبها المهالك وضلت وأضلت. أن تصل قناعات مسلم بهذا الأمر إلى هذا الحد فنسأل الله له الهداية وأمره إلى الله، ولكن أن يتصدر لتعليم الناس هذه القناعات فلا والله ما يرضى مسلم واحد أن يرد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الهراء.
وفي دورة أخرى حضر معي ابني، تحدث المدرب عن العقل الواعي والعقل اللاواعي وكيف أن العقل اللاواعي يحذف النهي وينفذ ما بعده ... وشرح وأفاض، واقتنع ولدي وكثير من الحاضرين بهذا الكلام؛ فحاورت المحاضر ولكنه أصر على قوله واستدل بأنه استقصى كل آيات النهي في القرآن ولكنه لم يتمكن بعد من إجراء هذا الاستقصاء على أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم. ودخلت معه في حوار طويل مفاده:
إن أول ما يتعلمه المسلم من الدين بالضرورة معنى الإسلام وهو الاستسلام والانقياد لله فيما أمر واجتناب مانهى، ولن تهدم هذه القناعات الواهية هذا الأساس الجليل، فلن يكون هناك استسلام ولا انقياد مادام لكل منا عقل لاواعي يقرر ويحذف دون أن نعرف!
من يقبل أن تربى أجيالنا على هذا الخواء!
ليقبل عقلك اللاواعي أو لا يقبل .. أنت كلك من أنت حتى ترفض؟! أو يسع المسلم أن يقول غير سمعنا وأطعنا بلا استقصاء ولا تفكير ولا تردد ولعل الله أن يقبل منه قوله وعمله!
ضدان يا أمتي لا يجتمعان:
منهج جيل رباه النبي صلى الله عليه وسلم على قوله تعالى ? ويؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة ?، وتربى على أن إذا سمعت قول الله تعالى: ? يا أيها المؤمنون? فارعه سمعك فإنما هو خير يأمرك به أو شر ينهاك عنه.
جيل رباهم النبي صلى الله عليه وسلم على الانقياد الحق فكانوا كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لم أكن أدع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول أحد من الناس.
وسار سلفنا الصالح على سيرهم فكان الأوزاعي يقول: اصبر نفسك على السنة وقف حيث وقف القوم وقل بما قالوا وكف عما كفوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك ما وسعهم.
ومنهج يراد أن تربي عليه أجيالنا اليوم معتمده عقول لا واعية تحذف النهي أو تستقصي لتبحث عن سبب وإيضاح بعده!! أخشى أن تجيب الملائكة على عقولنا اللاواعية بقولها: لا وعيت ولا دريت.
¥