تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

سجال البرمجة الشهير الذي دار رحاه على صفحات (الرسالة) قبل ست سنوات، أكد لي بما لا يقبل الشك في نفسي بأننا مجتمع محتقن إلى درجة بعيدة، وأن سنوات ضوئية تفصلنا عن الوصول إلى درجة من الوعي نتقبل فيها الرأي والرأي الآخر حقيقة لا مظهراً، وتساوقاً مع موجة مركز الحوار الوطني. فبالرغم من كل حياديتنا في ملحق (الرسالة)، وإتاحتنا المجال للفصيلين المختلفين بأن يدلي كل منهما برأيه بكل حرية دون أي تدخل منا، إلا أن المعركة انتهت وكلاهما غاضب وعاتب وقد رمانا بالانحياز ضده، بل قدم شكاوى شفاهية ومكتوبة لرؤسائنا، ولم تفلح أرتال الأيمان التي أقسمناها لهم بأننا كنا مهنيين وموضوعيين وعلى الحياد في زحزحة هذه القناعة من نفوسهم.

السجال انتهى برأيي بتمسك كل طرف برأيه، وإن كسب المؤيدون للبرمجة اللغوية العصبية السجال عبر التعريف بها، إلى جانب قوة طرحهم أمام هشاشة الحجج التي قدمها المناوئون لذلك الفن، وزاد بالتالي إقبال المجتمع على دورات البرمجة، إلى الدرجة التي باتت تقام في المؤسسات الحكومية التي احتاجت إلى تدريب موظفيها فنون البرمجة وأساليبها.

شخصياً كتبت رأيي مراراً- ولا زلت بعد تصريح غريندر وغيره من كهنة البرمجة – وقلت إن المسألة تحولت إلى تجارة و (بزنس) أكثر منها علماً يمكن أن يفيد الناس، بالرغم من توافر ذلك فيها، وها أنا أتأمل بعد كل تلك السنوات زملائي الكثيرين الذين انبهروا وتعصّبوا لذلك الفن، وانخرطوا بشغف في دوراته، بأنهم كما هم، بنفس عقلياتهم وسلوكياتهم وطريقتهم في الحياة إلا من رحم الله، فقد كانت موضة طاغية مرت على المجتمع كما الموضات الأخرى العابرة التي أثارت زوابع وسرعان ما همدت مع الوقت.

لا شك أن البرمجة وشهاداتها الأنيقة قد أشبعت في كثير من ملتحقيها شيئاّ من النرجسية والتمظهر الاجتماعي، وأفادت أولئك المدربين الذين هطلت ثروات عليهم – اللهم لا حسد - من خلال الدورات التي فاق عددها مطبات وحفر مدينة جدة في هذه الأيام، جازماً بأن تصريح السيد غريندر الأخير يصب في هذا الاتجاه أيضاً، فالمسألة برمتها تجارة و (بزنس) بالرغم من توافر جوانب وفنون قد يفيد منها الإنسان الجاد.

سنسعى جاهدين في أعدادنا القادمة إلى الوصول إلى ما قاله غريندر، وسنجلب تعليقات شيخنا العتيد عوض القرني وأستاذنا محمد ابو رزيزة ورفقتهما من الذين روجوا لنا هذا الفن، وكسبوا أجر ذلك أو باؤوا بإثمه، فلربما تمكنا من إقناع ذلك الكاهن غريندر بالتراجع عن أقواله، لأن أصدقائي الذين ركبوا الموجة بدأوا بالهمهمة والمطالبة ببضعة عشرات الآلاف من الريالات التي أنفقوها على دورات البرمجة…بلا أية فائدة.

ثم نشر في العدد الماضي مقالا بعنوان:

أجيبوني يا مدربي الـ ( n l p )

كتب فيه:

لم أتفاجأ بحجم الجدل الذي حدث في ساحة مدربي البرمجة اللغوية العصبية ( n l p) ، حيال تصريحات كاهن البرمجة الأكبر جون غريندر. فقد تلقى كاتب السطور اتصالات ورسائل عاتبة حيال مقالة الأسبوع الماضي من كلا الفصيلين المختلفين. وسأخصص مقالة اليوم للردّ على أولئك الفضلاء، الذين تواصلوا معي هاتفياً، وعبر البريد الالكتروني. وسأبدأ بالإخوة المناوئين للـ ( n l p) ، وقد أخذوا عليَّ وصفي بأن فريق المؤيدين كسب سجال البرمجة، وهذا برأيي حقٌّ، وأجزم بذلك. فالسجال دار في الملحق لدينا، وكنا طرفاً محايداً، وفتحنا عشرات الصفحات للقضية، وأقمنا ندوة سجالية كبرى في مبنى الصحيفة، جمعنا فيها بين أبرز المعارضين، وهو الدكتور عبدالغني مليباري، وبين أهمّ المؤيدين، وهو الشيخ عوض القرني. وعندما وصف كاتب السطور حجج المعارضين بأنها هشة، فلأنهم اتّكأوا في معارضتهم على أن أصول هذا الفن قد جُمعت من ديانات وثنية، أو ثقافات مخالفة لأصول عقيدتنا الإسلامية، وكانوا يلوبون بشكل رئيسي حول هذه القضية، التي تهاوت كبيوت من رمال، بمجرد أن ردّ عليهم المؤيدون بأنهم أسلموا هذا الفن، وشذّبوه، وقدّموه متساوقاً مع عقيدتنا، ولعمرو الله لحقٌّ علينا شكر من فعل ذلك لا مناوأته، ولو نقد المعارضون الفن من داخله؛ لكانت حججهم أظهر وأقوى .. ولكنهم لم يفعلوا، مع وجود كوارث في داخلها يستطيعون تقوية حججهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير