تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الله إن كنتم مؤمنين"، فإذا أتاك كتابي هذا، فادع فلاناً إلى الإسلام، فإن من أعمال المسلمين، فقرأ عليه الكتاب، فأسلم"، وما تقدم من الأدلة والأقوال دليل على أنه لا يجوز أن تكون لأهل الذمة ولاية على المسلمين، سواء كان في ولاية عامة أو خاصة، وقد سئل أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى: " (في رواية أبي طالب) نستعمل اليهودي والنصراني في أعمال المسلمين مثل الخراج؟ فقال: لا يستعان بهم في شيء"

2 - النهي عن اتخاذهم بطانة:

قال الله تعالى: "لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر" [آل عمران:118]، بوب البخاري في صحيحه باب: بِطَانَة الْإِمَام وَأَهْل مَشُورَته، الْبِطَانَة: الدُّخَلَاء، قَال ابن حجر في الشرح: قوله (بَاب بِطَانَة الْإِمَام وَأَهْل مَشُورَته) بِضَمِّ الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْوَاو وَفَتْح الرَّاء: مَنْ يَسْتَشِيرُهُ فِي أُمُورِهِ، قَوْله (الْبِطَانَة: الدُّخَلَاء) هُوَ قَوْل أَبِي عُبَيْدَة قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَة مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا} الْبِطَانَة: الدُّخَلَاء، وَالْخَبَال: الشَّرّ اِنْتَهَى. وَالدُّخَلَاء بِضَمٍّ ثُمَّ فَتْح جَمْع دَخِيل: وَهُوَ الَّذِي يَدْخُل عَلَى الرَّئِيس فِي مَكَان خَلْوَته وَيُفْضِي إِلَيْهِ بِسِرِّهِ وَيُصَدِّقهُ فِيمَا يُخْبِرهُ بِهِ مِمَّا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ أَمْر رَعِيَّته وَيَعْمَل بِمُقْتَضَاهُ".

قال ابن جرير رحمه الله تعالى:"فنهى الله المؤمنين به أن يتخذوا من الكفار به أخلاء وأصفياء، ثم عرّفهم ما هم عليه لهم منطوون من الغش والخيانة، وبغيهم إياهم الغوائل، فحذرهم بذلك منهم"، وقد بين ابن جرير أن هؤلاء "هم الذين وصفهم تعالى ذكره بأنهم أصحاب النار هم فيها خالدون، ممن كان له ذمةٌ وعهدٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من أهل الكتاب".

و قال القرطبي رحمه الله تعالى: " قوله تعالى: يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم ... الآية، فيه ست مسائل: الأولى - أكد الله تعالى الزجر عن الركون إلى الكفار وهو متصل بما سبق من قوله: " إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب" [آل عمران: 100] والبطانة مصدر، يسمى به الواحد والجمع، وبطانة الرجل خاصته الذين يستبطنون أمره، وأصله من البطن الذي هو خلاف الظهر، وبطن فلان بفلان يبطن بطونا وبطانة إذا كان خاصا به.

قال الشاعر: أولئك خلصائي نعم وبطانتي * وهم عيبتي من دون كل قريب

الثانية - نهى الله عز وجل المؤمنين بهذه الآية أن يتخذوا من الكفار واليهود وأهل الأهواء دخلاء وولجاء، يفاوضونهم في الآراء، ويسندون إليهم أمورهم، .. ثم بين تعالى المعنى الذي لأجله نهى عن المواصلة فقال: (لا يألونكم خبالا) يقول: فسادا، يعني لا يتركون الجهد في فسادكم، يعني أنهم وإن لم يقاتلوكم في الظاهر فإنهم لا يتركون الجهد في المكر والخديعة ... وعن عمر رضي الله عنه قال: لا تستعملوا أهل الكتاب فإنهم يستحلون الرشا، واستعينوا على أموركم وعلى رعيتكم بالذين يخشون الله تعالى، وقيل لعمر رضي الله عنه: إن ههنا رجلا من نصارى الحيرة لا أحدَ أكتبَ منه ولا أخط بقلم، أفلا يكتب عنك؟ فقال: لا آخذ بطانة من دون المؤمنين.

فلا يجوز استكتاب أهل الذمة، ولا غير ذلك من تصرفاتهم في البيع والشراء والاستنابة إليهم، قلت: وقد انقلبت الأحوال في هذه الأزمان باتخاذ أهل الكتاب كتبة وأمناء وتسودوا بذلك عند الجهلة الأغبياء من الولاة والأمراء.

وروى أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تستضيئوا بنار المشركين ولا تنقشوا في خواتيمكم عربيا"، فسره الحسن بن أبي الحسن فقال: أراد عليه السلام: لا تستشيروا المشركين في شيء من أموركم، ولا تنقشوا في خواتيمكم محمدا، قال الحسن: وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل: "يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم " الآية ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير