تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال ابن الجوزي: "قال القاضي أبو يعلى: وفي هذه الآية دلالة على أنَّه لا يجوز الاستعانة بأهل الذمة في أمور المسلمين من العمالات والكتبة، ولهذا قال أحمد: لا يستعين الإمام بأهل الذِّمة على قتال أهل الحرب، وروي عن عمر أنه بلغه أنَّ أبا موسى استكتب رجلاً من أهل الذمة، فكتب إليه يعنفه، وقال: لا تردوهم إلى العزِّ بعد إذ أذلهم الله"

وذكر ابن كثير رحمه الله تعالى: "عن ابن أبي الدِّهْقانة قال: قيل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن هاهنا غُلاما من أهل الحِيرة، حافظ كاتب، فلو اتخذته كاتبا؟ فقال: قد اتخذت إذًا بطانة من دون المؤمنين، ففي هذا الأثر مع هذه الآية دلالة على أن أهل الذَّمَّة لا يجوز استعمالهم في الكتابة، التي فيها استطالة على المسلمين واطِّلاع على دَوَاخل أمُورهم التي يُخْشَى أن يُفْشوها إلى الأعداء من أهل الحرب؛ ولهذا قال تعالى: [لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ] "

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: ولما كانت التولية شقيقة الولاية كانت توليتهم نوعاً من توليهم. وقد حكم تعالى بأن من تولاهم فإنه منهم، ولا يتم الإيمان إلا بالبراءة منهم، والولاية تنافي البراءة، فلا تجتمع البراءة والولاية أبداً، والولاية إعزاز فلا تجتمع هي وإذلال الكفر أبداً، والولاية وصلة، فلا تجامع معاداة الكافر أبداً".

فهذه الآية تمنع من اطلاع الكفار على إسرار المسلمين وقد بينت الآيات العلة في ذلك وهو كره الكفار للمسلمين ورغبتهم في حصول ما يعنتهم ويشق عليهم، وليس هناك من اطلاع على أسرار المسلمين أكثر من أن يصير الرجل متوليا لبعض أمورهم

3 - النهي عن الركون إليهم:

قال الله تعالى: [ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون]، قال ابن كثير رحمه الله تعالى: "وقال ابن جُرَيْج عن ابن عباس: ولا تميلوا إلى الذين ظلموا، وهذا القول حسن، أي: لا تستعينوا بالظلمة، فتكونوا كأنكم قد رضيتم بباقي صنيعهم، {فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ] أي: ليس لكم من دونه من ولي ينقذكم، ولا ناصر يخلصكم من عذابه" فهو نهي عن الاستعانة بالظلمة، ويدخل فيهم دخولا أوليا أهل الذمة فهم كفار وقد قال الله تعالى: [والكافرون هم الظالمون] وقال تعالى: [إن الشرك لظلم عظيم].

وقال القرطبي رحمه الله تعالى: "فيه أربع مسائل:

الأولى - قوله تعالى: (ولا تركنوا) الركون حقيقة الاستناد والاعتماد والسكون إلى، الشئ والرضا به، قال قتادة: معناه لا تودوهم ولا تطيعوهم، ابن جريج: لا تميلوا إليهم، أبو العالية: لا ترضوا أعمالهم، وكله متقارب، وقال ابن زيد: الركون هنا: الادهان وذلك ألا ينكر عليهم كفرهم ....

الثالثة - قوله تعالى: (إلى الذين ظلموا) قيل: أهل الشرك، وقيل: عامة فيهم وفي العصاة، على نحو قوله تعالى: " وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا " [الأنعام: 68] الآية، وقد تقدم.

وهذا هو الصحيح في معنى الآية، وأنها دالة على هجران أهل الكفر والمعاصي من أهل البدع وغيرهم، فإن صحبتهم كفر أو معصية، إذ الصحبة لا تكون إلا عن مودة، وقد قال حكيم: عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه * فكل قرين بالمقارن يقتدي

الرابعة - قوله تعالى: (فتمسكم النار) أي تحرقكم، بمخالطتهم ومصاحبتهم وممالأتهم على إعراضهم، وموافقتهم في أمورهم".

وكل ما أوردناه فيما سبق من الأدلة والنقول دال على عدم جواز تولية الكفار أهل الذمة وغيرهم الولاية على المسلمين، وإن كان هذا لا يمنع من استخدام من كان منهم حسن الرأي في المسلمين، وذلك في غير ولاية الأمر أو ما فيه علو واستطالة على المسلمبن أو ما كان فيه اطلاع على أسرارهم.

يتبع الحلقة (2)

ـ[محمد بن شاكر الشريف]ــــــــ[11 - 07 - 08, 06:45 م]ـ

كنت قد نسيت تكملة الموضوع حتى ذكرني بذلك الأخ الكريم عبد الملك السبيعي

فجزاه الله عني خير الجزاء

وهذا المذكور تاليا لهذه التقدمة هو الجزء الثاني في الموضوع

وزارة التنفيذ:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير