تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[النفس كالشريك الخائن إن لم تحاسبه ذهب بمالك!!]

ـ[ابن عمر عقيل]ــــــــ[29 - 01 - 07, 02:14 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

النفس كالشريك الخائن، إن لم تحاسبه ذهب بمالك

يقول ابن القيم رحمه الله:

وقد مثلت النفس مع صاحبها بالشريك فى المال، فكما أنه لا يتم مقصود الشركة من الربح إلا بالمشارطة على ما يفعل الشريك أولا، ثم بمطالعة ما يعمل، والإشراف عليه ومراقبته ثانيا، ثم بمحاسبته ثالثا، ثم بمنعه من الخيانة إن اطلع عليه رابعا، فكذلك النفس: يشارطها أولا على حفظ الجوارح السبعة التى حفظها هو رأس المال، والربح بعد ذلك. فمن ليس له رأس مال، فكيف يطمع فى الربح؟

وهذه الجوارح السبعة وهى العين، والأذن، والفم، واللسان والفرج، واليد، والرجل: هى مراكب العطب والنجاة، فمنها عطب من عطب بإهمالها. وعدم حفظها، ونجا من نجا بحفظها ومراعاتها فحفظها أساس كل خير، وإهمالها أساس كل شر. قال تعالى: {قُلْ لِلمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيحفظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور: 30]. وقال تعالى: {وَلا تَمْشِ فى الأرْضِ مَرَحًا إِنّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الجبَالَ طُولا} [الإسراء: 37] وقال تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلٌم إِن السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً} [الإسراء: 36] وقال تعالى: {وَقُلْ لِعِبادى يَقُولُوا الّتى هِىَ أحْسَنُ} [الإسراء: 53] وَقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيداً} [الأحزاب: 70] وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [الحشر: 18].

فإذا شارطها على حفظ هذه الجوارح انتقل منها إلى مطالعتها والإشراف عليها ومراقبتها، فلا يهملها، فإنه إن أهملها لحظة رتعت فى الخيانة ولا بد، فإن تمادى على الإهمال تمادت فى الخيانة حتى تُذهب رأس المال كله، فمتى أحس بالنقصان انتقل إلى المحاسبة، فحينئذ يتبين له حقيقة الربح والخسران، فإذا أحَسَّ بالخسران وتيقنه استدرك منها ما يستدركه الشريك من شريكه: من الرجوع عليه بما مضى، والقيام بالحفظ والمراقبة فى المستقبل، ولا مطمع له فى فسخ عقد الشركة مع هذا الخائن، والاستبدال بغيره، فإنه لا بد له منه فليجتهد فى مراقبته ومحاسبته، وليحذر من إهماله.

ويعينه على هذه المراقبة والمحاسبة: معرفته أنه كلما اجتهد فيها اليوم استراح منها غدا إذا صار الحساب إلى غيره، وكلما أهملها اليوم اشتد عليه الحساب غدا.

ويعينه عليها أيضا: معرفته أن ربح هذه التجارة سكنى الفردوس، والنظر إلى وجه الرب سبحانه، وخسارتها: دخول النار والحجاب عن الرب تعالى، فإذا تيقن هذا هان عليه الحساب اليوم. فحق على الحازم المؤمن بالله واليوم الآخر أن لا يغفل عن محاسبة نفسه والتضييق عليها فى حركاتها وسكناتها وخطراتها وخطواته.

فكل نَفَس من أنفاس العمر جوهرة نفيسة لا حظ لها يمكن أن يشترى بها كنز من الكنوز لا يتناهى نعيمه أبد الآباد. فإضاعة هذه الأنفاس، أو اشتراء صاحبها بها ما يجلب هلاكه: خسران عظيم لا يسمح بمثله إلا أجهل الناس وأحمقهم وأقلهم عقلا.

وإنما يظهر له حقيقة هذا الخسران يوم التغابن: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً} [آل عمران: 30]. إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان ص109/ 110 دار طيبة.

ـ[أحمد الحربي]ــــــــ[30 - 01 - 07, 12:09 ص]ـ

بارك الله فيك ....

الله يصلح قلوبنا ونفوسنا

ـ[ابن عمر عقيل]ــــــــ[30 - 01 - 07, 12:56 م]ـ

وفيك بارك يا أخي

ولا تنسانا من صالح دعائك

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير