للسنوات القادمة، أي أن كفاءة شركة التأمين التعاوني في إدارتها للتأمين يسهم في تخفيض الأقساط، بينما الأمر بالعكس في شركات التأمين التجاري.
ولإيضاح ما سبق نضرب مثالاً بإحدى شركات التأمين التجاري المحلية وهي شركة التعاونية للتأمين، حيث حققت في العام (2005) فائضاً بمقدار (316) مليون ريال، أعيد منها للمؤمن لهم (31) مليون ريال، بينما حول الباقي (284) مليون ريال لصالح المساهمين، وبه ارتفع الفائض المتراكم الذي من نصيب المساهمين إلى (833) مليون ريال وهو يزيد على نصف مجموع الأقساط التي دفعها المؤمن لهم خلال السنة كلها والبالغة (1,5 مليار). ومع ضخامة هذه الأرباح التي تصب في جيوب المساهمين فإن أقساط التأمين التي تفرضها الشركة على المؤمن لهم في ارتفاع.
ومن جانب آخر فشركات التأمين التجاري تضطر إلى إعادة التأمين لدى شركات أخرى لتخفيف الالتزام الذي عليها تجاه المؤمن لهم، فترحل مبالغ ضخمة – لا تقل في العادة عن نصف مجموع الأقساط التي أخذتها من المؤمن لهم- إلى شركات إعادة التأمين العالمية في أوروبا وأمريكا، فتستأثر تلك الشركات الغربية بأموال كانت أوطاننا أولى بها، بل إن واقع شركات التأمين التجاري في العالم الإسلامي -مع الأسف- يؤكد أنها أشبه ما تكون بالوكالات لتلك الشركات العالمية. وحتى يقف القارئ بنفسه على تلك المبالغ أرفق الجدول الآتي الذي يبين مبالغ عقود إعادة التأمين التي أبرمتها شركة واحدة فقط -وهي شركة التعاونية للتأمين- مع شركات إعادة التأمين الأجنبية في ثلاث سنوات متتالية:
العام 2001 (735 مليون ريال) و2002 (663 مليون ريال) و2003 (716 مليون ريال)
وهنا لنا أن نتساءل: ألا تستحق مثل هذه الممارسات وقفة حاسمة من قبل ولي الأمر لوقف هدر هذه الأموال؟. أليس من الأجدى عقلاً وشرعاً أن تحول هذه المبالغ إلى احتياطيات تستثمر داخل الوطن وتعود بالنفع على المساهمين والمؤمنين معاً؟ أليس من حق المواطن أن يشعر بالضيم إذا علم بأن جزءاً كبيراً من الأقساط التي يلزم بدفعها تصب في خزائن تلك الشركات العالمية التي أوهمت العالم أجمع بأن لا سبيل للتأمين الناجح إلا بما يتفق مع مصالحها ويساير مخططاتها للاستحواذ على أموال الشعوب؟
أبرز الملحوظات على لائحة نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني:
صدر نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني بالمرسوم الملكي رقم (م/32) وتاريخ 2/ 6/1424هـ، ثم صدرت اللائحة التنفيذية لهذا النظام، وقد نصت المادة الأولى من هذا النظام على أن: (تعمل الشركات بأسلوب التأمين التعاوني، بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية)، إلا أن اللائحة خالفت هذه المادة من وجوه متعددة تجعل التأمين المبين فيها تجارياً وليس تعاونياً، فضلاً عن مخالفات شرعية أخرى، ومن ذلك:
1. لم توضح اللائحة برمتها حقيقة التأمين التعاوني الحقيقي وضوابطه حتى لا يحصل التباس وتداخل مع التأمين التجاري.
2. نصت المادة (70 - 1/هـ) على أن: "توزيع الفائض الصافي، يتم إما بتوزيع نسبة 10? عشرة بالمئة للمؤمن لهم مباشرة، أو بتخفيض أقساطهم للسنة التالية، وترحيل ما نسبته 90? تسعون بالمئة إلى قائمة دخل المساهمين"، وهذه معاوضة على الفائض تجعل التأمين تجارياً؛ والمفترض ليكون تعاونياً أن يكون الفائض لصالح المؤمن لهم بأن يعاد إليهم أو يُرحًل إلى حساب احتياطي خاص بعمليات التأمين، أو يرحل إلى أعوام لاحقة لتنخفض به الأقساط التي ستؤخذ من المؤمن لهم.
3. عرَّفت المادة الأولى من اللائحة التأمين بأنه (تحويل أعباء المخاطر من المؤمَّن لهم إلى المؤمِّن، وتعويض من يتعرض منهم للضرر أو الخسارة من قبل المؤمن) وعرفت الاشتراك (القسط) بأنه: (المبلغ الذي يدفعه المؤمَّن له للمؤمِّن مقابل موافقة المؤمِّن على تعويض المؤمَّن له عن الضرر أو الخسارة التي يكون السبب المباشر في وقوعها خطر مؤمن منه) وعرفت وثيقة التأمين بأنها: (عقد يتعهد بمقتضاه المؤمِّن بأن يعوض المؤمَّن له عند حدوث الضرر أو الخسارة المغطى بالوثيقة، وذلك مقابل الاشتراك الذي يدفعه المؤمَّن له) ويراد بالمؤمِّن كما جاء في تعريفه في المادة نفسها (المؤمِّن: شركة التأمين التي تقبل التأمين مباشرة من المؤمَّن لهم) وكل هذه التعريفات تؤكد أن التأمين الذي بنيت عليه اللائحة هو التأمين
¥