تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[جواب محرر (المحاماة لدى المحاكم الوضعية) سعد العتيبي]

ـ[أبوصالح]ــــــــ[08 - 02 - 07, 08:22 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكم وأحسن إليكم.

هذا جوابٌ للشيخ الفاضل سعد بن مطر العتيبي، فجزاه الله خيراً على إيضاحه وبيانه.

ومقامي فيه مقام الناقل المستفيد من بعضه، وفيه فوائد نفيسة جداً.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

السلام عليكم

سؤال: شيخي الفاضل أنا شاب من ( ...... ) وخريج كلية الحقوق ولعلمكم فإن أغلب القوانين في بلدي وضعية لا صلة لها بما أمر الله ورسوله إلا في قوانين المواريث وبعض العقود.

فما حكم عملي لدى محامٍ كمساعد إداري أي يحضر ملفات القضايا وأحملها إلى المحاكم لتوثيقها؟

الجواب:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد

فإنَّ هذا الموضوع من الموضوعات التي تنطلق من ثوابت عقدية، وتحكمها أصول فقهية عملية، وهي مما عمّت به البلوى في التعاملات الواقعية، ومن ثم ظهر فيه الإشكال وكثر عنه السؤال.

وحيث إنَّ المسألة لها صور كثيرة، والسائلون عنها من ذوي الثقافة القانونية والفقهية، فلعلّ من المستحسن أن ينطلق الجواب على السؤال من ذكر الأصول والأحوال، التي ينبغي النظر إليها في مثل هذه الحال وربط جزئيات المسألة بها.

فأولاً: من المتقرِّر في العقيدة الإسلامية: أنَّ الشرع الذي يجب تطبيقه في بلاد المسلمين وبين المسلمين في غير بلادهم، هو شريعة الله تعالى، التي خدمها بيانا وتوضيحا وتفريعا العلماءُ الربانيون من أهل الإسلام. وأنه لا يحلّ الحكم بقانون وضعي مخالف لشريعة الله تعالى؛ فلا يشرِّع للخلق إلا من خلقهم، وهذا ما يجب أن يكون (ألا له الخلق والأمر). وهو أمر لا يستدعي الإطالة فيه لظهوره ولله الحمد والمنّة، وما هذا السؤال إلا فرع عن العلم به وصحة الاعتقاد فيه.

ومن ثمّ فإنَّ ما ابتليت به عامّة الشعوب المسلمة في حاضر العالم الإسلامي اليوم وغيره، من إلزامها بالتحاكم إلى قوانين مستوردة أو موضوعة على غير هدى من الله؛ إنَّما هو إلزام للأمة بغير شرع ربِّها؛ وإن بقيت موضوعات محدَّدة كقوانين الأحوال الشخصية التي أشرتَ إليها في سؤالك على ما قرّره فقهاء الإسلام أو بعضهم، فإنَّها لم تسلم أيضاً من امتداد القانون الوضعي إليها، بخلفياته الفكرية التغريبية المقيتة، كإباحة اتخاذ الأخدان، مع منع التعدد، وجعل الطلاق في يد المرأة، ومناصفتها للرجل في ماله في بعض بلاد المسلمين.

وثانياً: من المتقرِّر عند من يُسمّون بالحقوقيين، أنَّ مجال المحاماة ليس مقصوراً على الوكالة في الخصومة ومساعدة الخصوم على تجهيز دفاعهم والترافع عنهم فحسب؛ فمجالات المحاماة بإجمالٍ تشمل: المشورة القانونية، والنصيحة للرعية، والصلح بين النَّاس، ودفع مظالم السلطات العامّة، والإنهاءات، وصياغة العقود، والمشاركة في وضع مشروعات النظم واللوائح وسنّ القوانين، والطعن في الأحكام الظالمة لتصحيحها دستوريا، وغير ذلك من المجالات المعروفة لدى أهل الشأن، مما لا يخفى على السائل وفقه الله.

ومع أنَّ الأصل في القوانين الوضعية منع وضعها ومنع إلزام الناّس بالتحاكم إليها على ما تم تقريره في الفقرة السابقة، إلا أنَّ القوانين الوضعية العقلية، لا تخلو من موافقة للشرع أو عدم مخالفة له؛ وهذا يشمل ما كان مصدره الشرع من حيث الأصل، كقوانين الأحوال الشخصية، أو كان الشرع مصدراً له عند عدم النص، أو لم ينظر عند تقنينه أو الحكم به إلى الشرع، لكنه ليس مخالفاً لحكم الشرع، أو كان موافقاً لرأي فقهي سائغ، جرى عليه العمل في بلد من بلاد المسلمين، أو كان مما يندرج تحت قاعدة شرعية توافق معها القانون فيه، كعدد من صور العقود التي تعتمد قاعدة القانونيين: (العقد شريعة المتعاقدين) إذا كانت قد وقعت على صورة صحيحة شرعاً، وهكذا بقية فروع القانون لا تخلو من حق، وإن اختلف ذلك من حيث القلة كما في القوانين الجنائية والجزائية أو كثرة كما في القوانين المدنية و الإدارية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير