تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حقه، بعد أن يتأكد ثبوت ذلك الحق، ويعرف أنه إذا لم يترافع إلى ذلك القاضي سوف يضيع حقه، ويتمكن ذلك المعتدي من أخذ حقوق المسلمين، ويتسلط الظلمة على المسلمين، فيأخذون أموالهم، ويعتدون على أبدانهم، وأعراضهم، وحرماتهم، إذا عرفوا بأنهم لا يرفعون إلى الدولة، ولا يخاصمون إلى أولئك الحكام، فتضيع حقوق المسلمين، وتهدر دماؤهم، وتستباح أعراضهم.

فنقول: إن على المسلم أن يسعى في تخليص حقه، إذا لم يقدر عليه بالصلح، أو بنصب حاكم إسلامي يحكم بشرع الله، فإنه له أن يحضر عند أولئك الحكام، ولو كانوا يحكمون بالقوانين الوضعية.

وأما قول الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ}، فإن المراد من يختارون الحكم بغير ما أنزل الله، مع وجود من يحكم بشرع الله، كما إذا اختاروا التحاكم إلى من يقبل الرشوة، أو إلى الكهان والسحرة، وتركوا التحاكم إلى القضاة الشرعيين، فهؤلاء ينطبق عليهم الوعيد المذكور في هذه الآية، ولهذا قال في حقهم: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا}، فهكذا يكون الحكم بغير ما أنزل الله.

وقد علم أن في تلك القوانين ما يوافق الشرع، ويحكم فيه بالعدل، ويصل المستحق إلى حقه، وأن في ترك الترافع إليها ضياع للحقوق، واتهام للأبرياء إذا حكم عليهم غيابيًا، بحيث يتهمون بخيانة أو مظلمة، ويكون من آثار ذلك مطالبتهم، ومطاردتهم، والاعتداء عليهم، وربما يفارقون بلادهم وأهليهم وأولادهم خوفًا من تطبيق تلك الأحكام الظالمة التي تدينهم بحقوق غير صحيحة، فنقول: لا مانع من حضورهم وإثبات براءتهم، حتى يأمنوا على أنفسهم وعلى أهليهم، وحتى لا يتهم المسلم المستقيم بالظلم والعدوان وأخذ الحقوق، وهو برئ من ذلك. والله أعلم.

قاله وأملاه

عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين

23/ 12/1426هـ

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير