ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[02 - 11 - 09, 12:39 م]ـ
لو سلمنا جدلاً أني أتبنى بعض الآراء الشاذة والأصول غير المرضية = لما جاز أن يُفقدني هذا ود ونصرة أهل العلم؛ لأن الود والنصرة لا يُبنيان على مجرد الموافقة والمخالفة في الآراء ..
فلو سلمنا أن مخالفاتي هي في قطعيات الشريعة الظاهرة (وهذا غير صحيح طبعاً ولكني أفترض الأسوأ) = لما جاز أن يزول الود والنصرة الثابتين بعقد الإسلام ومئات الثوابت المتفق عليها بيننا،مع الرد منهم وتبيين أخطائي = فيُحقون الحق ويحفظون الود،وقد شرحتُ هذا كثيراً وبينتُ أمثلته في حياة أحد كبار حماة الثوابت أعني شيخ الإسلام ..
ولكني أخبرك بحقيقة الأمر: أنا ولله الحمد لم أخسر لاود ولا نصرة أحد من أهل العلم،بل: وغالب طلبة العلم بيني وبينهم من الود والمرحمة ماالله به عليم .. سواء على الشبكة أو على أرض الواقع .. رغم مخالفتهم لي ..
أنا لم أخسر ود أحد سوى جماعة من طلبة العلم نصبوا أنفسهم حامين لحمى حزمة من النظريات والقواعد التي نشأوا عليها وغلبهم الإلف لها،ولم يكن معهم من البصيرة بأصول الاجتهاد والخلاف، والفقه بقواعد موازنة المسائل وقياس رتبتها،والبر بحقيقة ما معهم وأنه نظريات لا ثوابت وأنه لو كان ما معهم من الثوابت فليس مخالفهم يخالفهم فيها من حيث هي ثوابت وليس يتكلم إلا بالعلم = ما يُعينهم على إقرار الحق الذي معهم بالعدل والإنصاف ورعاية حقوق المؤمنين ..
وكانت جريرتي أني لم أقنع بقعود النظر بل سلكت ما وسعني رتبة الاجتهاد أزيد في أدواتي وأرد الأمور لأوائلها وأقطع من ساعات نومي لا للحفظ والتقرير بل للاجتهاد والتحرير ورزقني الله مشيخة دلوني وهدوني .. فأخذت أطلب أوائل الأمور وتحقيقها .. أدرك ويفوتني .. أعلم وأجهل .. أصيب وأخطيء .. لكني سعيد جداً وأحب أن أقول كل ما عندي،وألقي بحجته، ولأن أتكلم فأخطيء خير من أن أندمل معكم على باطل وأنطوي على ضلالة .. لا أقنع بالخطابة الممجدة للعلماء .. فلهم حقهم ولي أن أطلب أوائل ما كان عليه السلف قبل أن يكاثر نورهم ظلمة القرون .. وطغيان الفلسفة والكلام ..
فلما أدركتُ من ذلك أبواباً من الحق وأعانني مشيختي على أبواب آخرين = نشرتها بالعلم والحجة والبرهان والإنصاف لم أبغ على مخالف ولم أتكلم من غير حجة .. ولم أسئ العبارة لأحد (غير أنه استبشعوا مالم يألفوه من عبارات العربية) .. فلم يصبروا .. وكيف آتيهم بما لا يعلمون .. وكيف أفارق النهج الذي ألفوه ..
فرأيتُ منهم أصنافاً وألواناً من البغي والعدوان و (البلطجة) في فرض الآراء ووجهات النظر ..
ولقيتُ أبواب من السب والشتم لا يصبر عليها جبل ..
ورأيتُ منهم تصنيفات شاذة لمخالفيهم لا تقل قبحاً عن تصنيفات غلاة المجرحة (ولذا يستروحون لعبارة الددو الجائرة)
وحتى قال أحدهم: أبو فهر لا يستحق أن ينتسب للسلفية = فما صنعوا إلا أنهم احتكروا الحق والصواب ونصبوا أنفسهم ووجهات نظرهم شعاراً للسلفية واحتكروا خاتمها وصك نسبتها ..
وجل هؤلاء الطلبة وبتجربتي معهم: أذكياء ومجتهدون إلا أنهم اعتادوا التكذيب بما لم يحيطوا بعلمه وأنا رجل أحسن التفريق بين من يناقشني ويخالفني ومعه أصول العلم بالباب الذي نتحاور فيه (وأحترم مثل هذا جداً ممن خالفني) .. وبين من يناقشني ويخالفني بغبرات بقيت في رأسه من قراءة يُسند بها ما استقر في ذهنه بالعهد القديم والإلف العلمي والقدرة الجدلية وهذا الأخير أُشفق عليه جداً؛فأنا أعلم أنه رجل استفزه رؤية ما يُخالف ماعنده ولكن ليس معه من العلم ما يدفعه وليست معه أصول هذا الباب بل وحتى لم يقرأ الكتب الأصول في العلم المتنازع فيه -وهذا بالتجربة والدلالة ولا أفتري عليهم علم الله-ولكنه لم يصبر عن رد ما يظنه شاذاً وأصولاً غير مرضية ..
ومع ذلك فأنا للآن باق على أصولي: لم أظلم أولئك الطلبة ولم أبغ عليهم وإن وقع مني شيء من ذلك فأستغفر الله منه وأطلب مسامحنهم .. فإن معي من الحق ما يُغنيني عن أطلب نصرته بالعدوان على عباد الله .. وأنا مشغول بتحرير الحق شغلاً يُلهيني عن مشاكسة الخلق ..
ولكني لا أصبر على باطل يستطيل أو مُصَنِف يرتدي زي العلم فيُجرح فئاماً من المسلمين بغير علم ولا هدى مبين .. وأُحسن زنة الأخطاء وزنة ما ينبغي مجابهتها به من الشدة واللين ..
ونعم يا أمجد .. العالم المحيط وطالب العلم المدرك للأبواب التي تظنها شواذاً وأصولاً غير مرضية = يعلم ويفقه أنها ليست شواذاً ولا أصولاً غير مرضية ..
وحتى إن وجد هذا ورآه في كلامي: فلن أخسر وده ونصرته أتدري لماذا؟؟
أقول لك:
لأنه فقيه يتكلم فيما يُحسن فيستطيع وزنه ووزن قائله وأصول التعامل معه ..
وهذا بالطبع يُخالف: من تكلم بمقتضى الإلف والعادة والعهد القديم وغبرات القراءة = فلن أجد منه سوى البغي والظلم والاستهانة بالدعاوى والتلوك بالخطابة الصحافية وبالطبع خاتم السلفية يُلوح به ..
وأمثال هؤلاء يا أمجد: لا أعبأ بهم قدر شبر بل أنا ماض في طريقي أسأل ربي الفقه في ديني وأن يرزقني هدي السلف حقاً وأن يقيني شر نفسي وشر الهوى وأن أرى أن لي فضلاً على الدين وأن يرزقني البقاء على العهد طالباً للحق الأول .. وأن يُنجيني من أن أقع في خطأ أولئك الطلبة فأقنع من الغنيمة بغبرات من العلم أستطيل بها على عباد الله .. وأسأله أن يدفع عني الذي يقعون فيه من الاستطالة على من كد وبحث ونظر وأعوذ به سبحانه أن أكون محنة للمجتهدين وفتنة للذين آمنوا ..
¥