تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

03 " وقرأت بخط الحافظ صلاح الدين العلائي، في ثبت شيخ شيوخنا الحافظ بهاء الدين عبد الله بن محمد بن خليل، ما نصه: وسمع بهاء الدين المذكور على الشيخين شيخنا وسيدنا وإمامنا فيما بيننا وبين الله تعالى، شيخ التحقيق، السالك بمن اتبعه أحسن طريق، ذي الفضائل المتكاثرة، والحجج القاهرة، التي أقرت الأمم كافة أن هممها عن حصرها قاصرة، ومتعنا الله بعلومه الفاخرة ونفعنا به في الدنيا والآخرة، وهو الشيخ الإمام العالم الرباني والحبر البحر القطب النوراني، إمام الأئمة، بركة الأمة، علامة العلماء، وارث الأنبياء، آخر المجتهدين، أوحد علماء الدين، شيخ الإسلام، حجة الأعلام، قدوة الأنام، برهان المتعلمين، قامع المبتدعين، سيف المناظرين، بحر العلوم، كنز المستفيدين، ترجمان القرآن، أعجوبة الزمان، فريد العصر والأوان، تقي الدين، إمام المسلمين، حجة الله على العالمين، اللاحق بالصالحين، والمشبه بالماضين، مفتي الفرق، ناصر الحق، علامة الهدى، عمدة الحفاظ، فارس المعاني والألفاظ، ركن الشريعة، ذو الفنون البديعة، أبو العباس ابن تيمية!! "

الدرر الكامنة (186 - 187).

رابعاً:

إذا كانت هذه النصوص التي نقلناها أو أشرنا إليها، من كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله، أو مما نقله الحافظ عن غيره، ناطقة بتقدير شيخ الإسلام، والإشادة بمنزلته من العلم والدين؛ فإن ذلك لا يعني أن الحافظ لم يخالف شيخ الإسلام البتة في مسألة من المسائل العلمية، أو لم ينتقده قط؛ فما زال أهل العلم يردون بعضهم على بعض؛ من غير أن يلزم من ذلك أن يكون الراد لا يقدر المردود عليه قدره، فضلا عن أن يبدعه أو يضلله، وقديما قال الإمام مالك رحمه الله قولته الشهيرة: " كل يؤخذ من قوله ويترك، إلا صاحب هذا القبر "، أو نحوا من ذلك، ـ يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ.

وهذا بغض النظر عما إذا كان الصواب، في المسألة المعينة، مع شيخ الإسلام، أو مع مخالفه ومن يرد عليه، الحافظ ابن حجر أو غيره. فكيف إذا كان الصواب في عامة ما أنكروه عليه، أو معظمه في جانب شيخ الإسلام، رحم الله الجميع.

ويمكن مراجعة كثير من هذه المسائل التي انتقدت على شيخ الإسلام، ولا سيما من قبل ابن حجر الهيتمي، المشار إلى موقفه آنفا، فيما كتبه الشيخ نعمان خير الدين ابن الآلوسي رحمه الله، في كتابه النافع: " جلاء العينين في محاكمة الأحمدين "، يعني: أحمد بن تيمية، وأحمد بن حجر الهيتمي، عليهما رحمة الله.

وينظر أيضا كتاب: دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية، وهو بحث أكاديمي من إعداد الدكتور: عبد الله بن صالح الغصن.

خامساً:

ما ورد في السؤال من أن شيخ الإسلام انحرف عن العقيدة الصحيحة ووصف الله تعالى بصفات خلقه، هو من أفرى الفرى، وأبين الكذب على شيخ الإسلام ومنهجه وعقيدته، ومن يطالع شيئا من مصنفاته الكبار أو الصغار يتحقق ذلك، ومن هذه النصوص والقواعد التي يشق الإشارة إلى جميعها هنا، فضلا عن نقلها، قوله رحمه الله:

" اتفق سلف الأمة وأئمتها أن الله ليس كمثله شيء، لا فى ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، وقال من قال من الأئمة: من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيها " اهـ

فتاوى شيخ الإسلام (2/ 126).

وقال رحمه الله:

" ثم القول الشامل في جميع هذا الباب: أن يوصف الله بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله، وبما وصفه به السابقون الأولون؛ لا يُتجاوز القرآن والحديث.

قال الإمام أحمد رضي الله عنه: لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله؛ لا يتجاوز القرآن والحديث. ٍ

ومذهب السلف أنهم يصفون الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، ونعلم أن ما وصف الله به من ذلك فهو حق ليس فيه لغز ولا أحاجى، بل معناه يعرف من حيث يعرف مقصود المتكلم بكلامه، لا سيما إذا كان المتكلم أعلم الخلق بما يقول، وأفصح الخلق في بيان العلم، وأفصح الخلق في البيان والتعريف والدلالة والإرشاد.

وهو سبحانه مع ذلك ليس كمثله شيء، لا في نفسه المقدسة المذكورة بأسمائه وصفاته، ولا في أفعاله، فكما نتيقن أن الله سبحانه له ذات حقيقة، وله أفعال حقيقة، فكذلك له صفات حقيقة؛ وهو ليس كمثله شيء، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، وكل ما أوجب نقصا أو حدوثا فإن الله منزه عنه حقيقة؛ فانه سبحانه مستحق للكمال الذي لا غاية فوقه، ويمتنع عليه الحدوث؛ لامتناع العدم عليه، واستلزام الحدوث سابقة العدم، ولافتقار المحدَث إلى محدِث، ولوجوب وجوده بنفسه، سبحانه وتعالى.

ومذهب السلف بين التعطيل والتمثيل؛ فلا يمثلون صفات الله بصفات خلقه، كما لا يمثلون ذاته بذات خلقه، ولا ينفون عنه ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله؛ فيعطلوا أسماءه الحسنى وصفاته العليا، ويحرفوا الكلم عن مواضعه، ويلحدوا في أسماء الله وآياته.

وكل واحد من فريقي التعطيل والتمثيل فهو جامع بين التعطيل والتمثيل؛ أما المعطلون فإنهم لم يفهموا من أسماء الله وصفاته إلا ما هو اللائق بالمخلوق، ثم شرعوا في نفي تلك المفهومات؛ فقد جمعوا بين التعطيل والتمثيل؛ مثلوا أولا، وعطلوا آخرا؛ وهذا تشبيه وتمثيل منهم للمفهوم من أسمائه وصفاته، بالمفهوم من أسماء خلقه وصفاتهم، وتعطيل لما يستحقه هو سبحانه من الأسماء والصفات اللائقة بالله سبحانه وتعالى .. "

فتاوى شيخ الإسلام (5/ 26 - 27).

ونصوص شيخ الإسلام في هذا المعنى كثيرة جدا، كما أشرنا، وفيما ذكرناه كفاية إن شاء الله.

والله الموفق.

الإسلام سؤال وجواب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير