الأول: أنه لم يقل أحد من أهل العلم ببطلانه أو عدم صحته، بل منعوا منه لما يترتب عليه من مفاسد تتعلق بالمرأة من حيث إنه مهين لها، ومن تعلقه بالمجتمع من حيث استغلال هذا العقد من قبل أهل السوء وادعاء أن عشيقها هو زوجها، ومن تعلقه بالأبناء حيث سيكون تضييع لهم ولتربيتهم بسبب غياب الأب.
الثاني: أن بعض من قال بإباحته رجع إلى التوقف عن القول بإباحته، ومن أبرز من قال بإباحته هو الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ عبد العزيز آل الشيخ، ومن أبرز من قال كان يقول بإباحته ثم توقف فيه هو الشيخ العثيمين، كما أن من أبرز من قال بالمنع منه بالكلية هو الشيخ الألباني.
الثالث: أن من قال بإباحة هذا الزواج لم يقل بتوقيته بزمان محدد مشابهة للمتعة، ولم يقل بجوازه من غير ولي؛ إذ الزواج من غير ولي باطل، ولم يقل بجواز انعقاده من غير شهود أو إعلان، بل لا بدَّ من أحدهما.
ثالثاً:
أقوال العلماء في هذا الزواج:
1. سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: عن زواج المسيار، وهذا الزواج هو أن يتزوج الرجل ثانية أو ثالثة أو رابعة، وهذه الزوجة يكون عندها ظروف تجبرها على البقاء عند والديها أو أحدهما في بيتها، فيذهب إليها زوجها في أوقات مختلفة تخضع لظروف كل منهما، فما حكم الشريعة في مثل هذا الزواج؟.
فأجاب:
"لا حرج في ذلك إذا استوفى العقد الشروط المعتبرة شرعاً، وهي وجود الولي ورضا الزوجين، وحضور شاهدين عدلين على إجراء العقد، وسلامة الزوجين من الموانع؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أحق ما أوفيتم من الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج)؛ وقوله صلى الله عليه وسلم: (المسلمون على شروطهم)، فإذا اتفق الزوجان على أن المرأة تبقى عند أهلها، أو على أن القسم يكون لها نهاراً لا ليلاً، أو في أيام معينة، أو ليالي معينة: فلا بأس بذلك، بشرط إعلان النكاح، وعدم إخفائه" انتهى.
" فتاوى علماء البلد الحرام " (ص 450، 451)، و" جريدة الجزيرة " عدد (8768) الاثنين 18 جمادى الأولى 1417هـ.
هذا، وقد نقل بعض تلامذة الشيخ رحمه الله أنه توقف عن القول بإباحته آخر أمره، لكن لم نجد شيئاً مكتوباً حتى نوثقه.
2. وسئل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله:
يدور كلام كثير حول تحريم وتحليل زواج المسيار، ونود من سماحتكم قولا فصلاً في هذا الشأن مع بيان شروطه وواجباته إن كان في حكم الحل؟.
فأجاب:
"شروط النكاح هي تعيين الزوجين ورضاهما والولي والشاهدان، فإذا كملت الشروط وأعلن النكاح ولم يتواصوا على كتمانه لا الزوج ولا الزوجة ولا أولياؤهما وأولم على عرسه مع هذا كله فإن هذا نكاح صحيح، سمِّه بعد ذلك ما شئت" انتهى.
" جريدة الجزيرة " الجمعة 15 ربيع الثاني 1422 هـ، العدد: 10508.
3. وقد سئل الشيخ الألباني عن زواج المسيار فمنع منه لسببين:
الأول: أن المقصود من النكاح هو " السكن " كما قال تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم/21، وهذا الزواج لا يتحقق فيه هذا الأمر.
والثاني: أنه قد يقدَّر للزوج أولاد من هذه المرأة، وبسبب البعد عنها وقلة مجيئه إليها سينعكس ذلك سلباً على أولاده في تربيتهم وخلقهم.
انظر: " أحكام التعدد في ضوء الكتاب والسنة " (ص 28، 29).
4. وكان الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يرى الجواز ثم توقف فيه بسبب ما تخلله من فساد في التطبيق من بعض المسيئين.
والذي نراه أخيراً:
أن زواج المسيار إذا استوفى شروط الزواج الصحيح من الإيجاب والقبول ورضا الولي والشهود أو الإعلان: فإنه عقد صحيح، وهو صالح لأصنافٍ معينة من الرجال والنساء تقتضي ظروفهم مثل هذا النوع من العقود، وأنه قد استغل هذا الجواز بعض ضعاف الدين، لذا فالواجب عدم تعميم هذه الإباحة بفتوى، بل يُنظر في ظرف كلٍّ من الزوجين، فإن صلح لهما هذا النوع من النكاح أجيز لهما وإلا منعا من عقده؛ وذلك منعاً من التزوج لأجل المتعة المجردة مع تضييع مقاصد النكاح الأخرى، وقطعاً للسبيل أمام بعض الزيجات التي يمكن الجزم بأنها ستكون فاشلة وتسبب ضياع الزوجة، كمن يغيب عن امرأته الشهور الطويلة ويتركها في شقة وحدها تنظر إلى القنوات، وتتصفح المنتديات، وتدخل عالم الإنترنت، فكيف يمكن لمثل هذه المرأة الضعيفة أن تقضي وقتها؟! وهذا بخلاف من كانت تعيش مع أهلها، أو مع أبنائها، وعندها من الدين والطاعة والعفاف والستر ما يمكن أن يصبرها أثناء غياب زوجها.
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
ـ[حسين محمد ابراهيم]ــــــــ[06 - 05 - 09, 01:30 ص]ـ
بارك الله فيك يا أخي