ونذَكِّرُ القارئ الكَريم بِقَول الإمام (الذهبي) –رَحِمَه الله-: "كلامُ الأقرانِ ... يُطْوَى ولا يُروَى" («سِيَر أعلام النُّبلاء»: 10/ 92 - بتصرف)!!!
والإنسان لا يَسلَمُ مِن الخَطأ، ولم يَكتُبِ اللهُ العِصمَةَ لأحدٍ بعد رُسلِه –عليهم الصلاة والسلام.
ورَحِم اللهُ أحدَ السَّلف كان إذا خَرجَ إلى مَجلِس العِلم أخرج صَدَقَةً وقال: "اللهمَّ استُر عَيب مُعلِّمي عَنَّي".
(4) قال المؤلِّفُ عَن تَحقيق الشيخ (مُصطفى) لـ «مُنتَخَب عَبد بن حميد» بأنَّه: "يُعتَبَر العَمل الحَديثي الصِّرف الوَحيد"، (ص 72).
وهذا ليس صَحيحًا؛ فالشيخُ (مُصطفى) له أيضًا: «أسئلة وأجوِبَة في مُصطلَح الحَديث» و «شَرح عِلل الحَديث».
(5) قال المؤلِّفُ: "وعَسَى اللهُ أن يُيَسِّرَ إخراجَ مَوقِفِه معَ طَلَبَتِه في عَمَلٍ مُستَقِل" (هامش ص 126).
وهذه نيَّةٌ سَيئةٌ نسألُ الله ألا يُيَسِّرَها! فهذه –واللهِ- فِتنَةٌ عَظيمَةٌ لا نَفْعَ فيها البتة إلا تَشتيتَ طَلَبَةِ العِلم ونُفرَتِهم مِن العُلماء والدعاة إلى الله، وإنَّا للهِ وإنَّا إليه راجِعون، وانظر –لِزامًا- الفقرة (3).
(6) عَقَد المؤلِّفُ في كِتابِه بابًا عَنوَن له بـ: "حُكم (مُصطفى) على شَيخِنا (الألباني) قَلب للأمر"، (ص 104: 108)، قال تَحتَه: "مِن الأمور المُسَلَّمَة عِند العُقلاء أنَّ الشَّخصَ لا يُقَيِّمُ مَن هو أعلَى قَدرًا مِنه، فالكَبيرُ هو الذي يَحكُمُ على الصَّغير وليس العَكس، وهذا هو هَدي سَلَفِنا الصَّالِح –رَحِمَهم الله" اهـ المُراد مِنه.
وقولُه هذا فيه نَظَرٌ؛ فالمؤلِّفُ إن كان يَقصِد أنَّ بيانَ الحَقِّ مُقتَصِرٌ على الكَبير يُبَيِّنُه للصَّغير لا العَكس فهذا ليس صَحيحًا البتَة؛ فالحَقُّ ليس وَقْفًا على الكَبيرِ دون الصَّغير، فالحَقُّ يُقبَل مِن قائِلِه أيًّا كان ما دام حَقًّا، ألا تَرى أنَّ العُلماء عَقَدوا في "مُصطَلَح الحَديث" بابًا سَمَوه: "رواية الأكابِر عَن الأصاغِر" و"رواية الآباءِ عَن الأبناء"؟! فهذا هو هَديُ سَلَفِنا الصَّالِح –رَحِمَهم اللهُ تعالَى.
قال الإمامُ القُرطبي –رَحِمَه الله تعالَى- في تَفسير قَولِه تعالى {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً} [الكهف: 66]: "في هذه الآية دَليلٌ على أنَّ المُتعَلِّمَ تَبَعٌ للعالِم وإن تفاوتَتَ المراتِب، ولا يُظَن أنَّ في تَعلُّمِ موسَى مِن الخَضِر ما يَدُلُّ على أنَّ الخَضِر كان أفضلَ مِنه؛ فَقَد يَشُذُّ عَن الفاضِل ما يَعلَمُه المَفضولُ، والفَضلُ لِمَن فَضَّلَه الله" اهـ مِن «الجامِع لأحكام القُرآن»: (5/ 4170)، ط. دار الغَد العربي بمصر.
والعَجيبُ أنَّ المؤلِّف يُقِرُّ بأنَّ "الحَقَّ يُقبَلُ مِن قائلِه ولو كان الشَّيطان (!)؛ فإنَّ الشَّيطان لَمَّا قَالَ لأبي هُريرة –رَضي اللهُ عَنه-: إذا أويتَ إلى فِراشِك فاقرأ آيةَ الكُرسي [مِن أوَلِّها حتَّى تَختِمَ الآية] {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ} [البقرة: 256]؛ فإنَّه لا يزالَ عليك مِن اللهِ حافِظ، و [لن يَقْرَبَك] شَيطانٌ حتى تُصبِح. فقال النَّبيُ (صلى الله عليه وعلى آله وسلم): "أمَا إنَّه قد صَدَقَك وهو كَذوبٌ" [رواه البخاري رقم 2311، ومواضِع أخرى مُعلَّقًا، ووَصَلَه غيرُه كما قال في «الفَتح»]. وكذلك كان اليَهودُ يُحَدِّثونَ النَّبيَ (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) بأشياء فيُصَدِّقُهم في الحَقِّ الذي يتَكَلَّمونَ به. فالحَقُّ يؤخَذُ مِن قائلِه أيًّا كان القائِلُ، واللهُ –عَزَّ وجَلَّ- هو الذي يُحاسِبُ العِبادَ على نِيَّاتِهم، واللهُ المُستعان" اهـ كلامُه نَقلا عَن كِتابِه «التَّفنيد لكِتاب التَّرشيد»، ص 30: 31، بتَصَرُّف.
أمَّا إن كان المؤلِّفُ يَقصِدُ أنَّ طالِبَ العِلم الصَّغير لا يقوِّم العالِمَ في الجُملَة؛ فهذا مُسَلَّمٌ –إن شاءَ اللهُ تعالى؛ قال عمرُ بنُ الخطاب –رَضي الله عَنه-: "ألا وإنَّ النَّاس بِخَيرٍ ما أخذوا العِلمَ عَن أكابِرِهم، ولم يَقُم الصَّغيرُ على الكَبير، فإذا قام الصَّغير على الكَبير فَقَد [أي: هَلكوا] " (جامِع بيان العِلم وفَضلِه للإمام ابن عَبد البَر –رَحِمَه الله تعالَى- 1/ 158). فانظُر إلى بَعضِ أهلِ عَصرِنا "يأخُذ عَن بَعضِ طَلَبَةِ العِلم الصِّغار ما يتعارَضُ مع ما يَراه الأجِلَّةُ مِن العُلماء، ويَحفَظ لطالِب العِلم مِن الحُقوق ما لا يَحفَظُ لِغَيرِه مِن أكابِرِ العُلماء" (نَقلا عَن الكِتاب القَيِّم «مُنطلقات طالِب العِلم» / للشيخ الفاضِل محمد حُسَين يَعقوب –حَفِظَه اللهُ تعالَى، ص 289، ط. المكتبة الإسلامية بمصر، بتصَرُّفٍ يَسيرٍ جِدًّا).
الملاحظات: لم يُلحَق بالكِتابُ ثَبَتٍ للمَراجِع أو المصادِر.
ـ[أبو تيمية إبراهيم]ــــــــ[27 - 12 - 02, 02:25 م]ـ
,و هذه صورة الغلاف
¥