تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَلَعَلَّهُ خَشِيَ مِنْ اِسْتِئْذَانه أَنْ يَتَوَهَّم إِرَادَة صَرْفه إِلَى بَقِيَّة الْحَاضِرِينَ بَعْد أَبِي بَكْر دُونه، فَرُبَّمَا سَبَقَ إِلَى قَلْبه مِنْ أَجْل قُرْب عَهْده بِالْإِسْلَامِ شَيْء فَجَرَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَادَته فِي تَأْلِيف مَنْ هَذَا سَبِيله، وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ أَنَّهُ كَانَ مِنْ كُبَرَاء قَوْمه وَلِهَذَا جَلَسَ عَنْ يَمِين النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيث أَنَّ سُنَّة الشُّرْب الْعَامَّة تَقْدِيم الْأَيْمَن فِي كُلّ مَوْطِن، وَأَنَّ تَقْدِيم الَّذِي عَلَى الْيَمِين لَيْسَ لِمَعْنًى فِيهِ بَلْ لِمَعْنًى فِي جِهَة الْيَمِين وَهُوَ فَضْلهَا عَلَى جِهَة الْيَسَار، فَيُؤْخَذ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ تَرْجِيحًا لِمَنْ هُوَ عَلَى الْيَمِين بَلْ هُوَ تَرْجِيح لِجِهَتِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَام الْخَطَّابِيّ فِي ذَلِكَ قَبْل ثَلَاثَة أَبْوَاب. وَقَدْ يُعَارِض حَدِيث سَهْل هَذَا وَحَدِيث أَنَس الَّذِي فِي الْبَاب قَبْله وَحَدِيث سَهْل بْن أَبِي خَيْثَمَةَ الْآتِي فِي الْقَسَامَة " كَبِّرْ كَبِّرْ " وَتَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَة حَدِيث اِبْن عُمَر فِي الْأَمْر بِمُنَاوَلَةِ السِّوَاك الْأَكْبَر، وَأَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ حَدِيث اِبْن عَبَّاس الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى بِسَنَدٍ قَوِيّ قَالَ: " كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَقَى قَالَ اِبْدَءُوا بِالْكَبِيرِ " وَيُجْمَع بِأَنَّهُ مَحْمُول عَلَى الْحَالَة الَّتِي يَجْلِسُونَ فِيهَا مُتَسَاوِينَ إِمَّا بَيْن يَدَيْ الْكَبِير أَوْ عَنْ يَسَاره كُلّهمْ أَوْ خَلْفه أَوْ حَيْثُ لَا يَكُون فِيهِمْ، فَتُخَصّ هَذِهِ الصُّورَة مِنْ عُمُوم تَقْدِيم الْأَيْمَن، أَوْ يُخَصّ مِنْ عُمُوم هَذَا الْأَمْر بِالْبُدَاءَةِ بِالْكَبِيرِ مَا إِذَا جَلَسَ بَعْض عَنْ يَمِين الرَّئِيس وَبَعْض عَنْ يَسَاره، فَفِي هَذِهِ الصُّورَة يُقَدَّم الصَّغِير عَلَى الْكَبِير وَالْمَفْضُول عَلَى الْفَاضِل. وَيَظْهَر مِنْ هَذَا أَنَّ الْأَيْمَن مَا اِمْتَازَ بِمُجَرَّدِ الْجُلُوس فِي الْجِهَة الْيُمْنَى بَلْ بِخُصُوصِ كَوْنهَا يَمِين الرَّئِيس فَالْفَضْل إِنَّمَا فَاضَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَفْضَل. وَقَالَ اِبْن الْمُنَيِّر: تَفْضِيل الْيَمِين شَرْعِيّ وَتَفْضِيل الْيَسَار طَبْعِيّ وَإِنْ كَانَ وَرَدَ بِهِ الشَّرْع لَكِنْ الْأَوَّل أُدْخَل فِي التَّعَبُّد، وَيُؤْخَذ مِنْ الْحَدِيث أَنَّهُ إِذَا تَعَارَضَتْ فَضِيلَة الْفَاعِل وَفَضِيلَة الْوَظِيفَة اُعْتُبِرَتْ فَضِيلَة الْوَظِيفَة كَمَا لَوْ قُدِّمَتْ جِنَازَتَانِ لِرَجُلٍ وَامْرَأَة وَوَلِيّ الْمَرْأَة أَفْضَل مِنْ وَلِيّ الرَّجُل قُدِّمَ وَلِيّ الرَّجُل وَلَوْ كَانَ مَفْضُولًا لِأَنَّ الْجِنَازَة هِيَ الْوَظِيفَة فَتُعْتَبَر أَفْضَلِيَّتهَا لَا أَفْضَلِيَّة الْمُصَلِّي عَلَيْهَا، قَالَ: وَلَعَلَّ السِّرّ فِيهِ أَنَّ الرُّجُولِيَّة وَالْمَيْمَنَة أَمْر يَقْطَع بِهِ كُلّ أَحَد، بِخِلَافِ أَفْضَلِيَّة الْفَاعِل فَإِنَّ الْأَصْل فِيهِ الظَّنّ وَلَوْ كَانَ مَقْطُوعًا بِهِ فِي نَفْس الْأَمْر لَكِنَّهُ مِمَّا يَخْفَى مِثْله عَنْ بَعْض. كَأَبِي بَكْر بِالنِّسْبَةِ إِلَى عِلْم الْأَعْرَابِيّ وَاَللَّه أَعْلَم.

ـ[عبد الله الشافعي]ــــــــ[01 - 03 - 07, 03:16 ص]ـ

وإليك كلام ابن بطال ايضا فى شرح الحديث:

وكذلك ينبغى تقديم ذى السن فى الطعام والشراب والكلام والمشى والكتاب وكل منزلة قياسًا على السواك واستدلالا من قوله - صلى الله عليه وسلم - لحويصة ومحيصة: تمت كبر كبر - يريد ليتكلم الأكبر، وهذا من باب أدب الإسلام.

وقال المهلب: تقديم ذى السن أولى فى كل شى ما لم يترتب القوم فى الجلوس، فإذا ترتبوا فالسنة تقديم الأيمن فالأيمن من الرئيس أو العالم، على ما جاء فى حديث شرب اللبن.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير