تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[درجة حديث: لا مهدي إلا عيسى، للشيخ العلوان]

ـ[محمد الأمين فضيل]ــــــــ[27 - 12 - 02, 11:31 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

فضيلة الشيخ / سليمان بن ناصر العلوان حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما صحة حديث (لا مهدي إلا عيسى بن مريم)

الجواب: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته

هذا الخبر رواه ابن ماجه في سننه (1341) والحاكم في مستدركه (4/ 441) والخطيب في تاريخه (5/ 361) كلهم من طريق يونس بن عبد الأعلى المصري، ثنا محمد ابن إدريس الشافعي، حدثني محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن صالح، عن الحسن، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا يزداد الأمر إلا شدة ولا الدنيا إلا إدبارًا ولا الناس إلا شحاً، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، ولا المهدي إلا عيسى بن مريم)

وهذا خبر منكر، فيه محمد بن خالد الجندي، قال عنه الحاكم مجهول، وقال عنه حافظ المغرب ابن عبد البر بأنه متروك، وحُكي عن ابن معين توثيقه، ولم يثبت، وقد أنكر الخبر النسائي، والحاكم، والبيهقي، والذهبي، والقرطبي، والصغاني، وأبو الفتح الأزدي وقال: وإنما يحفظ عن الحسن مرسلاً، رواه جرير بن حازم عنه

وقال القرطبي والأخبار الصحاح قد تواترت على أن المهدي من عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز حمله على عيسى، والحديث الذي ورد في أنه (لا مهدي إلا عيسى) غير صحيح

قال البيهقي في كتاب البعث والنشور، محمد بن خالد مجهول، واختلفوا عليه في إسناده، فرواه صامت بن معاذ قال: ثنا يحيى بن الموطأ، ثنا محمد بن خالد، فذكره.

قال صامت، عدلت إلى الجند مسيرة يومين من صنعاء فدخلت على محدث لهم فوجدت هذا الحديث عنده عن محمد بن خالد، عن أبان بن أبي عياش، عن الحسن مرسلاً. فرجع الحديث إلى رواية محمد بن خالد الجندي وهو مجهول عن أبان بن أبي عياش وهو متروك عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو منقطع، والأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصح البتة إسناداً

ويرى الذهبي أن يونس بن عبد الأعلى لم يسمع هذا الخبر من الشافعي، قال في ميزان الاعتدال (3/ 535) في جزء عتيق بمرة عندي: من حديث يونس بن عبد الأعلى قال حدثت عن الشافعي، فهو على هذا منقطع، على أن جماعة رووه عن يونس قال حدثنا الشافعي، والصحيح أنه لم يسمعه منه، وأبان بن صالح صدوق، وما علمت به بأساً، لكن قيل إنه لم يسمع من الحسن ذكره ابن الصلاح في أماليه

وقال الآبري: محمد بن خالد غير معروف عند أهل الصناعة من أهل النقل، وقد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلى الله عليه وسلم في المهدي وأنه من أهل بيته، وأنه يملك سبع سنين، ويملأ الأرض عدلاً، وأن عيسى صلى الله عليه وسلم يخرج فيساعده على قتل الدجال، وأنه يؤم هذه الأمة وعيسى خلفه، في طول من قصته وأمره

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في الفتن والملاحم (وهذا الحديث مشهور .... وهو فيما يظهر ببادئ الرأي مخالف للأحاديث التي أوردناها في إثبات مهدي غير عيسى بن مريم، إما قبل نزوله كما هو الأظهر وإما بعده، وعند التأمل لا ينافيها، بل يكون المراد من ذلك أن المهدي حق المهدي هو عيسى بن مريم، ولا ينفي ذلك أن يكون غيره مهدياً أيضاً)

وهذا تعليق لا بأس به، حين يثبت الخبر، وهذا بعيد، فقد كانت شهرته بالضعف ولم تكن بالصحة

فالخبر منكر، ولا تصح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وعلامات الضعف ظاهرة عليه

وأمر المهدي وخروجه، صحت به الآثار، وتواترت به الأخبار، ولقي اهتماماً فائقاً، وعناية بالغة، من ذوي التحقيق والعرفان، فتداوله العلماء جيلاً بعد جيل، وقرناً بعد قرن بالتصنيف والتأليف، والرد على من أنكره أو كذّب به، وقد ذكره طائفة من أهل السنة ضمن عقائدهم التي يجب الإيمان بها، ويضلل المخالف فيها، وعمدتهم في ذلك أصول كبيرة، وحجج قوية، وأدلة صحيحة، فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً مني أو من أهل بيتي يواطىء اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي - زاد في بعض رواياته - يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً) أخرجه أبو داود في سننه (4282) والترمذي في جامعه (2231) وابن حبان في صحيحه (15/ 236) وغيرهم من طريق عاصم، عن زر، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

وقد صححه الترمذي وابن حبان وشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم وغيرهم من أهل الحديث

كما صحح أحاديث المهدي، غير هؤلاء منهم، العقيلي، والبيهقي، والذهبي وجمع من المحدثين

وقال الشوكاني في رسالته (التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح) (والأحاديث المتواترة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثاً فيها الصحيح، والحسن، والضعيف المنجبر، وهي متواترة بلا شك ولا شبهة بل يصدق وصف التواتر على ما دونها على جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول)

كتبه

سليمان بن ناصر العلوان

19/ 10/1423هـ

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير