تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وليس من المستغرب في شيء أن يأتي هذا الرد، على ما فيه من وجهات نظر مخالفة في بعض ما قررته الدعوة وفي بعض ما أشاعه عنها مناوئوها من نظر مخالفة في بعض ما قررته الدعوة وفي بعض ما أشاعه عنها مناوئوها من أكاذيب، طافحاً بمشاعر الإعجاب بها والتقدير للقائمين عليها فإن صاحبه هو ذلكم السلطان العالم ذو النزعة السلفية الإصلاحية التي انعكست آثارها على كثير من مواقفه وآثاره، فهي التي دفعت به إلى إنكار بدع المتفقرة المتصوفة من أصحاب الزوايا، ومنع إقامة مواسم (الأولياء) عند أضرحتهم، وكانت كعبة المبتدعة والفساق، والأمر بهدم القبة المبنية على قبر والده، وإزاحة النقير المثبت عليه.

وقد صدرت عنه خطب ورسائل حث فيها على نبذ البدع والتمسك بالسنن، ومن أشهرها رسالته التي وجهها إلى الأمة عن طريق خطباء المساجد يخطبون بها في الجمع على سائر المنابر.

ولا بأس أن نسوق لكم من هذه الخطبة الجليلة فقرة تدل على بقيتها فيما حوته من إرشاد للناس لإتباع السنن ومجانبة البدع:

(أما بعد، أيها الناس شرح الله لقبول النصيحة صدوركم، وأصلح بعنايته أموركم، واستعمل فيما يرضيه أمركم ومأموركم. فإن الله قد استرعانا جماعتكم وأوجب لنا طاعتكم، وحذرنا إضاعتكم. {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} سيما فيما أمر الله به ورسوله، أو هو محرم بالكتاب والسنة النبوية، وإجماع الأمة المحمدية {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر}. ولهذا نرثي لغفلتكم، أو عدم إحساسكم، ونغار من استيلاء الشيطان بالبدع على أنواعكم وأجناسكم، فألقوا لأمر الله آذانكم، وأيقظوا من نوم الغفلة أجفانكم، وطهروا من دنس البدع إيمانكم واخلصوا لله إسراركم وإعلانكم، واعلموا أن الله بفضله أوضح لكم طرق السنة لتسلكوها، وصرح بذم اللهو والشهوات لتملكوها، وكلفكم لينظر عملكم، فاسمعوا قوله في ذلك وأطيعوه، واعرفوا فضله عليكم وعوه، واتركوا عنكم بدع المواسم التي أنتم بها متلبسون، والبدع التي يزينها أهل الأهواء ويلبسون، وافترقوا أوزاعاً، وانتزعوا الأديان والأموال انتزاعاً، فيما هو حرام كتاباً وسنة وإجماعاً، وتسموا فقرا، وأحدثوا في دين الله ما استوجبوا به سقراً {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً}، وكل ذلك بدعة شنيعة، وفعلة فظيعة، وسبة وضيعة، وسنة مخالفة لأحكام الشريعة، وتلبيس وضلال، وتدليس شيطاني، وخبال زينه الشيطان لأوليائه فوقتوا له أوقاتاً وأنفقوا في سبيل الطاغوت في ذلك دراهم وأوقاتاً) (24).

وهذه النزعة السلفية الإصلاحية عند السلطان المولى سليمان هي التي ألبت عليه مشايخ الزوايا فأقدوا نار الفتن في كافة المغرب بتمردهم على سلطته وبما عضدوا من الخارجين عليه. ولولا ذلك لعمت دعوته السلفية الإصلاحية أرجاء المغرب كله.

وهذه النزعة السلفية الإصلاحية عند السلطان المولى سليمان هي دفعت به إلى التجاوب، بجدية وإيجابية، وبصدق وإخلاص، مع دعوة الشيخ ابن عبد الوهاب السلفية، ومن بعدها، مع دعوة الشيخ ابن الفودي على ما تقدمت به الإشارة. ولاشك أن ما كان يعرف المغرب، على عهده، من انتشار البدع، وفساد العقائد. وانطماس معالم السنن، كل أولئك كان، كذلك، مما زاد في احتفائه بالدعوة بعد أن استقصى أخبارها، وتحرى مضامينها فيما حمله إليه الحجاج عبر الرواية الشفوية وفيما وقع له من رسائل ووثائق حولها.

ويظهر أن السلطان المولى سليمان لم يكتف بهذا الرد على رسالة الإمام سعود فعقب عليها برسالة ثانية تولى تحريرها أحد أبرز علماء المغرب يومئذ، وهو العلامة الطيب بن عبد المجيد بن كيران، ومن ديباجة هذه الرسالة قوله يخاطب الإمام سعود:

(من ملكه الله أزمة العرب وقيادها، فأحسن سياستها، وأصلح سيرتها، ومهد بلادها، وتيسر وصول الحجاج والعمار والزوار إلى نيل الأوطار والآراب، فأضبح وقد أحرز بذلك الثناء والثواب، وحصل به في الدارين أفضل جزاء وحسن مآب .. ). ثم عقب بالثناء على شخصية الأمير، والتنويه بجهوده في محاربة البدع ومناصرة السنن، فقال:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير