و يلزم تركه لمن كان محقا لطبائع الناس و ازمانهم و ليس هذا الا و بعد البدء به اذ كيف يُعرف المعاند من المسامح ... !!!
فيختلف الجدل من شخص الى آخر و من مكان الى آخر فيترك في الحج خوفا من النتائج و العواقب اذ هي ذِكْرٌ محض خالص ...
و مجادلة اهل الجنة لربهم لدليل على كمال حلم الله تعالى و عفوه ومنّه ....
و مجادلتهم اياه سبحانه و تعالى اشد من مجادلة صاحب حق ...
اذا هي في اعلى مراتبها و يقابلها حلم الله تعالى و فضله و احسانه ...
و محور هذا الجدال يكون حول اخوة الدين و مصيرهم ...
و يتححق ذلك بامور كثيرة منها:
مناصرته في الحق ... قضاء دينه ... تفريج همه ... عدم هجره الا لله تعالى .... القاء تحية الاسلام عليه ... قبول دعوته ...
و تكتمل هذه الاخوة بان يقطوا كل السبل للحيلولة دون مفارقتهم مكانا و زمانا ...
و لولا ايمان الناجين بقول نبيهم صلى الله عليه و سلم قولا و عملا و اعتقادا (لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه من الخير)
لما تجرأ احدهم في مجادلة جبار السموات و الارض ....
و لا يكون هذا الا مع من رجحت سيئاته على حسناته و الا لكان القوم مع اهل المجادلة في غيرهم ...
ثم قال صلى الله عليه و سلم:
) قال: يقولون: ربنا! اخواننا كانوا يصلون معنا و يصومون معنا و يحجون معنا و يجاهدون معنا فأدخلتهم النار ... )
كل هذا لا ينفكون عن قولهم ((معنا)) و هذه الاخيرة لا تلتقي مع الاعتزال تحت سقف واحد ...
فتلك معنا و هذه دوننا!!!
فمن ترك الجمعة و الجماعات و هتك ستار المخالطة و عكف على عتبات الاعتزال فأنى لمعنا اليه من سبيل ...
فَالْزَمْ جماعة المسلمين تُعرف عند الموحدين الناجين المجادلين ...
و ايّاك و الاشارة اليك بالمخالفة فلا تدع الصيام مع الصائمين و لا الصلاة خلف الفاسقين بذريعة هجر المبتدين و هذا حيث لا بديل ...
فان اردت الانتفاع بمجادلة اهل الجنة لربهم فاحرص على تحقيق المعية في دار التكليف و لا تغضّ من طرفك عن كل ما يمتّ بالصلة اليها ...
فليس الا ((معنا)) او ((دوننا)) كلمتان لا ثالث لهما ...
فمن كان مع اهل ((معنا)) في دنياه يكن معهم في اخراهم ...
جعلني الله و اياكم ضمنا في هذه المعية اللهم آمين.
و المعية تنقسم الى قسمين فمنها ذاتي و منها معنوي ..
و الاولى لا تتناسب مع الخالق من حيث علوّه و كماله فهو فوق عرشه حيث لا مكان مخلوق ...
و معيته تتوافق مع المناسب منها فهو سبحانه و تعالى معك بعلمه و قوته و سمعه و على هذا فسّر الاي الحكيم تكن من الناجين باذن الواحد الحليم ...
بينما تتناسب كلتا المعيتين مع المخلوق ... و نحن معكم بأقلامنا مع المفاوز بين اجسامنا و اطرافنا ...
نسأل الله تعالى ان يبلغنا و اياكم هذه المعيّة ...
ثم قال صلى الله عليه و سلم:
) قال: فيقول: اذهبوا فأخرجوا من عرفتم منهم ... )
فيقول: اذهبوا فأخرجوا من عرفتم منهم ........ )
و الناس قسمان قسم معروف و قسم مجهول و الاول معروف باختلاطه و الثاني مجهول لاعتزاله فمن حضر الجمعة و الجماعات و الحج و الجهاد له حظه الوافر من الخروج على ايدي المؤمنين و الا فلا ...
ثم قال
) فيأتونهم فيعرفونهم بصورهم, لا تأكل النار صورهم ..... )
اذا لا علامة الى تمييز اشخاصهم و ترتيب اعلامهم الا من صورهم ...
و ثمت فرق بين الغر المحجلين من آثار الوضوء و بين الذين لا تأكل النار صورهم ...
فالاولى علامة يستدل بها خاتم الانبياء و المرسلين على اتباعه بيد انهم كثر اولا" و شفاعته اعم ثانيا.
و الثانية علامة يستدل بها اتباع محمد صلى الله عليه و سلم على من كان معهم في صلاته و حجه و صيامه ...
و مكمن صورة الانسان تنحسر في وجهه و لولا الوجه لذهبت المعالم و الملامح ...
ثم قال:
(فمنهم من اخذته النار الى انصاف ساقيه, و منهم من اخذته الى كعبيه فيخرجونهم ...... )
و في مسند ابي عوانة (فيجدون الرجل قد اخذته النار الى قدميه والى انصاف ساقيه والى ركبتيه الى حقويه.)
و من هنا ندرك اقصى عقوبة النار للذين كانوا (يصلون معنا) (يصومون معنا) (يحجّون معنا).
هي الى حقويه الى ركبتيه الى انصاف الساق و من الملوم بداهة ان النار و ما دون الوجه لا تأكل معالم الشخص فيبقى معروفا معلوما ........
ثم قال صلى الله عليه و سلم:
(فيقولون: ربنا! أخرجنا من أمرتنا .... )
¥