تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما المسألة الأولى: وهي هل يُمسح على الجورب كما يُمسح على الخف؟ ففيها قولان مشهوران: القول الأول: يُمسح على الجورب كما يُمسح على الخف، وبه قال الإمام أحمد ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000008&spid=68) وأهل الحديث. القول الثاني: أنه لا يُمسح على الجورب، وهو مذهب الجمهور. فالذين قالوا بمشروعية المسح على الجورب احتجوا بحديثٍ رواه الترمذي ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000035&spid=68) و أحمد ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000008&spid=68) : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الجوربين). والذين قالوا بعدم جواز المسح على الجوربين، وأنه لا يُمسح إلا على الخفاف التي هي من الجلد، احتجوا بأن الأصل: الغَسل أو المسح على الخفين، وأما الجوارب فقالوا: أولاً: لم تصح أحاديثها كأحاديث الخفين. ثانياً: أنه يحتمل أن قول الصحابي: (على الجوربين) المراد به: الخفاف التي ورد ذكرها في الأحاديث الصحيحة. هذان وجهان لهم. والذي يظهر -والله أعلم- جواز المسح على الجوربين: أولاً: لصحة الحديث، فقد صحَّحه غير واحد من أئمة الحديث، منهم الإمام الترمذي ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000035&spid=68) والإمام أحمد ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000008&spid=68) رحمة الله عليهما. ثانياً: أن حمل الحديث على الخفين خلاف الظاهر، والمعروف أن إطلاق الجورب له معنى، وإطلاق الخف له معنى، وليس الصحابي بجاهل بدلالة الألفاظ، فإنه عبر بلغة صحيحة، قالوا: إن رواية: (مُنَعَّلَين) تدل على الجلد، ويمكن أن يجاب عنها بأن (المُنَعَّلَين) المراد بها بعض أنواع الجوارب، وهي الجوارب التي لها بطانة من الجلد، فإذا ثبتت رواية: (مُنَعَّلَين) فتحمل على الجلد، مع أنه أجيب: بأنه مسح على الجورب ومعه نعله، فمسح صلى الله عليه وسلم على جورب بنعل، أي: كان النعل موجوداً، فمسح على ظاهر الجورب، والنعل لا يلزم مسحه؛ لأنه من باطن كالخف، فاقتصر على مسح الجورب، فقال الصحابي: (جوربٍ مُنَعَّل) أي: أن قصده أنه مسح مع وجود النعل. وعلى هذا يصح القول بالمسح على الجوربين.

صفة الجورب الذي يمسح عليه

وإذا ثبت هذا فلا بد في الجورب من أن يكون صفيقاً، وعلى ذلك كلمةُ جماهيرِ مَن يرى المسحَ على الجوربين؛ لأن الجوارب الخفيفة الشفافة هذه لم تكن موجودة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛ إنما كانوا يلبسون الجوارب ويمشون بها، ولذلك كانوا يلفون الخرق على أقدامهم، وهذا يدل على ما اعتبره العلماء من اشتراط الصفاقة أي: كونه صفيقاً. وأيضاً فالنظر يقتضيه، فإن الجورب مُنَزَّل منزلة الخف، والخف صفيق، ولا يمكن للجورب أن يُنَزَّل منزلة الخف إلاَّ بالثخانة والصفاقة. وعلى هذا: فإنه يصح المسح عليه -كما نص العلماء- إذا كان صفيقاً ثخيناً، فالذي يشف البشرة لا يُمسح عليه؛ لأنه غير معروف على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ومن قال بجوازه بالقياس، أي: يقول: أقيس هذا الشفاف على الجورب الموجود على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يجاب عنه من وجهين: الوجه الأول: أن القياس على ما هو خارج عن الأصل لا يطَّرِد، ولذلك الأصل: غسل الرجلين، والمسح خلاف الأصل، فلا يطَّرِد القياس على الرخص. الوجه الثاني: أن المسح على الجورب إذا كان شفافاً لا يُنَزَّل منزلة الثخين؛ لأن الفرق بين الشفاف والثخين ظاهر، ومن شرط صحة القياس: ألاَّ يوجد الفارق بين الأصل والفرع، فالفرع -وهو (الشُّرَّاب) الشفاف- خفيف، والأصل المقيس عليه -وهو الجورب- ثخين، وإنما جاز المسح على الجورب الثخين لمشابهته الخفين، فيُمنع في الخفيف لعدم وجود وصف الأصل، وهو: كونه ثخيناً، وعلى هذا فالذي نص عليه من يقول بمشروعية المسح على الجوربين اشتراط كونه صفيقاً، كما نبَّه عليه غير واحد من الأئمة، منهم الإمام ابن قدامة ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000061&spid=68) - رحمة الله عليه- في المغني، وكذلك المتون المشهورة في المذهب: كالإقناع للحجاوي ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000064&spid=68) ، والمنتهى للنجار ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000140&spid=68) ، كلهم نصوا على كونه صفيقاً، إخراجاً للشُّرَّاب الخفيف الذي يمكن أن يصف البشرة أو يكون غير صفيق. (مِن خُفٍّ وجوربٍ صفيقٍ ونحوٍهما). (وجوربٍ صفيقٍ) كما ذكرنا، أي: ثخين. (ونحوِهما): أي: نحو الخف أو الجورب الثخين، حتى قالوا: لو وُجِد نعال من الخشب جاز أن يُمسح عليها، فقد يوجد إنسانٌ -مثلاً- يَصْنَع له نعالاً من خشب، فيقولون: لا حرج أن يمسح عليها، المهم أن يكون ساتراً للقدم أي: أن الحكم لا يختص بالجلد ولا بالقماش، فلو صُنِّع الآن نوعٌ من (الشَّراريب) من غير القماش ومن غير الجلد لجاز أن يُمسح عليها؛ لكن بشرط أن تكون في حكم الخفين أو الجوربين.

http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=audioinfo&audioid=127493

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير