تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

سلوك الطرق العلمية والتزامها، ومن هذه الطرق:

1 - تقديم الأدلة المُثبِتة أو المرجِّحة للدعوى.

2 - صحة تقديم النقل في الأمور المنقولة.

وفي هذين الطريقين جاءت القاعدة الحوارية المشهورة: (إن كنت ناقلاً فالصحة، وإن كنت مدَّعيّاً فالدليل).

وفي التنزيل جاء قوله سبحانه: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} وفي أكثر من سورة:البقرة:111، والنمل 64. {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي} (الانبياء:24). {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (آل عمران:93).

الأصل الثاني:

سلامة كلامِ المناظر ودليله من التناقض؛ فالمتناقض ساقط بداهة.

ومن أمثلة ذلك ما ذكره بعض أهل التفسير من:

1 - وصف فرعون لموسى عليه السلام بقوله: {سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} (الذريات:39).

وهو وصف قاله الكفار – لكثير من الأنبياء بما فيهم كفار الجاهلية – لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم. وهذان الوصفان السحر والجنون لا يجتمعان، لأن الشأن في الساحر العقل والفطنة والذكاء، أما المجنون فلا عقل معه البته، وهذا منهم تهافت وتناقض بيّن.

2 - نعت كفار قريش لآيات محمد صلى الله عليه وسلم بأنها سحر مستمر، كما في قوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} (القمر:2).

وهو تناقض؛ فالسحر لا يكون مستمراً، والمستمر لا يكون سحراً.

الأصل الثالث:

ألا يكون الدليل هو عين الدعوى، لأنه إذا كان كذلك لم يكن دليلاً، ولكنه اعادة للدعوى بألفاظ وصيغ أخرى. وعند بعض المُحاورين من البراعة في تزويق الألفاظ وزخرفتها ما يوهم بأنه يُورد دليلاً. وواقع الحال أنه إعادة للدعوى بلفظ مُغاير، وهذا تحايل في أصول لإطالة النقاش من غير فائدة.

الأصل الرابع:

الاتفاق على منطلقات ثابتة وقضايا مُسَلَّمة. وهذه المُسَلَّمات والثوابت قد يكون مرجعها؛ أنها عقلية بحتة لا تقبل النقاش عند العقلاء المتجردين؛ كحُسْنِ الصدق، وقُبحِ الكذب، وشُكر المُحسن، ومعاقبة المُذنب.

أو تكون مُسَلَّمات دينية لا يختلف عليها المعتنقون لهذه الديانة أو تلك.

وبالوقوف عند الثوابت والمُسَلَّمات، والانطلاق منها يتحدد مُريد الحق ممن لا يريد إلا المراء والجدل والسفسطة.

ففي الإسلام الإيمان بربوبية الله وعبوديَّته، واتَّصافه بصفات الكمال، وتنزيهه عن صفات النقص، ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم، والقرآن الكريم كلام الله، والحكم بما أنزل الله، وحجاب المرأة، وتعدد الزوجات، وحرمة الربا، والخمر، والزنا؛ كل هذه قضايا مقطوع بها لدى المسلمين، وإثباتها شرعاً أمر مفروغ منه.

إذا كان الأمر كذلك؛ فلا يجوز أن تكون هذه محل حوار أو نقاش مع مؤمن بالإسلام لأنها محسومة.

فقضية الحكم بما أنزل الله منصوص عليها بمثل: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ... } (النساء:65). {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (المائدة:45).

وحجاب المرأة محسوم بجملة نصوص:

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} (الأحزاب:59).

وقد يسوغ النقاش في فرعيات من الحجاب؛ كمسألة كشف الوجه، فهي محل اجتهاد؛ أما أصل الحجاب فليس كذلك.

الربا محسوم؛ وقد يجري النقاش والحوار في بعض صوره وتفريعاته.

ومن هنا فلا يمكن لمسلم أن يقف على مائدة حوار مع شيوعي أو ملحد في مثل هذه القضايا؛ لأن النقاش معه لا يبتدئ من هنا، لأن هذه القضايا ليست عنده مُسَلَّمة، ولكن يكون النقاش معه في أصل الديانة؛ في ربوبيَّة الله، وعبوديَّة ونبوّة محمد صلى الله عليه وسلم، وصِدْق القرآن الكريم وإعجازه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير