ولم عليه الصلاة السلام بالبيان الفعلي، بل إنه ارشد على الرزق الحلال قولاً حيث قال صلى الله عليه وسلم ((لأن يأخذ أحدكم حبله، ثم يغدو إلى الجبل فيحتطب فيبيع، فيأكل، ويتصدق، خيرٌ له من أن يسأل الناس))
رواه النسائي وابن ماجة من حديث أبي هريرة _ رضي الله عنه _ وصححه الألباني (انظر صحيح الجامع الصغير حديث رقم 5040)
اعتداله صلى الله عليه وسلم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:-
كان النبي صلى الله عليه وسلم يامر بالمعروف وينهى عن المنكر باعتدال فلم يكن فظاً غليظاً ولم يكن بارداً متبلد الأحاسيس لا يري الجاني عظيم جرمه
وكان يراعي حال المدعو، فهذا معاوية بن الحكم السلمي لما شمت عاطساً في الصلاة جهلاً منه بعدم مشروعية هذا الفعل، لم ينهره النبي صلى الله عليه وسلم بل وجهه بكل لطف بقوله ((إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس! إنما هي التسبيح والتكبير والتهليل)) رواه مسلم في صحيحه (2/ 70_72) وانظر تخريجه مطولاً في إرواء الغليل حديث رقم (390)
ومع ذلك قال للصحابي الفقيه معاذ بن جبل عندما أطال الصلاة في قومه حتى اشتكى أحدهم من ذلك ((أفتانٌ انت يا معاذ)) متفق عليه
فدل ذلك على مراعاته لحال المعدو والأمر الذي يدعو إليه
اعتدال النبي صلى الله عليه وسلم في الوعظ:-
ثبت عن ابن مسعود _ رضي الله عنه _ أنه قال ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة مخافة السآمة منا)) رواه مسلم (2821)
قال مقيده في هذا مراعاةٌ للنفوس البشرية الملولة فلم يكن يعظهم كل يوم بحيث يعرضهم للضجر ولم يكن يتركهم بلا موعظة فتقسوا قلوبهم
اعتدال النبي صلى الله عليه وسلم في معاملة أزواجه:-
لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يظهر تفضيل غحدى زوجاته على الأخرى في المعاملة بحيث يعطيها أكثر من مثيلاتها
وإذا كان لا بد من تقديم إحداهن على الأخرى فإنه لم يكن ينتقي بالتشهي بل إنه كان يقرع بينهن
قال عائشة _ رضي الله عنها _ ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً، أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج معها)) رواه البخاري (2593)
اعتداله صلى الله عليه وسلم في استخدام الماء:-
لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم مفرطاً _ بكسر الراء وتخفيفها _ ولا مفرطاً _ بتشديد الراء المخفوضة _ في استخدام ما يكفيه دون إسراف
قال أنس بن مالك _ رضي الله عنه _ ((كان _ يعني النبي صلى الله عليه وسلم _ يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد)) رواه أبو داود وابن ماجة وصححه الألباني وتوسع في تخريجه في إرواء الغليل (139)
اعتداله صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الخدم:-
مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قد اتخذ خادماً وهو أنس بن مالك، على أنه كان عليه الصلاة والسلام ((يفلي ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه))
رواه أحمد في المسند (6/ 256) وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (671)
اعتداله صلى الله عليه وسلم في معاتبة اصحابه:-
كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يترك اصحابه معاتبة وتوجيه على أنه عند المعاتبة كان يستخدم ألطف في المعاتبة
قال انس _ رضي الله عنه _ عن النبي صلى الله عليه وسلم ((كان يقول عند المعاتبة ترب جبينه)) رواه البخاري
قال المناوي في فيض القدير (5/ 289) ((ماله ترب جبينه يحتمل كونه خر لوجهه فأصاب التراب جبينه وكونه دعاء له بالعبادة والأول أولى))
اعتداله صلى الله عليه وسلم في مشيته:-
قال ابن عباس _ رضي الله عنهما _ واصفاً مشية النبي صلى الله عليه وسلم _ ((كان يمشي مشياً يعرف فيه أنه ليس بعاجزٍ ولا كسلان)) رواه المخلص في الفوائد المنتقاة وحسنه الألباني وتوسع في تخريجه في سلسلة الأحاديث الصحيحة (2140) والإحالة السابقة من الشيخ الألباني
قال مقيده: ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يمشي مختالاً فخوراً وهو الذي أنزل عليه قوله تعالى ((ولا تمشِ في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختالٍ فخور)) (لقمان: 18)
اعتداله صلى الله عليه وسلم في الضحك والتبسم:-
لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يضحك ضحكاً يصل على حد إسقاط الهيبة ولم يكن مقطب الجبين بل كان يتبسم ويضحك حتى تبدو نواجذه
¥