تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أول مشاركة لأخيكم خباب بن مروان الحمد ... (فاعلم أنَّه لا إله إلا الله)

ـ[خباب الحمد]ــــــــ[11 - 03 - 07, 11:56 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

مع أول إطلالة على أحبابي طلبة العلم في ملتقى أهل الحديث، أستهلُّ ذلك بمقال لي حول أهميَّة التوحيد وإفراد الله تعالى بالعبودية والحاكمية، والله ولي التوفيق

(فاعلم أنَّه لا إله إلا الله)

خباب بن مروان الحمد

نزلت هذه الآية الكريمة على نبينا محمد ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ بعد ثلاث عشرة سنة من دعوته إلى التوحيد، واستفراغ وسعه في التبليغ والإنذار لكفَّار قريش ومن لفَّ لفَّهم.

ويحقٌّ للمتأمل في كتاب الله، أن يرجع الفكر كرَّتين بل كرَّات في تدبُّر هذه الآية، إذ إنها تأمره ـ عليه الصلاة والسلام ـ بتعلُّم التوحيد، ومعرفة الله ـ عزَّ وجلَّ ـ حق المعرفة، مع أنَّه ـ عليه الصلاة والسلام ـأفضل الأنبياء والمرسلين، وأعرفهم بربِّ العالمين، بل دعا بهذه الكلمة الكفَّار والمشركين، كما روى ربيعة بن عباد الديلي رضي الله عنه وكان جاهلياً فأسلم، قال: ((رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بصر عيني بسوق ذي المجاز يقول: يا أيها الناس قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا، ويدخل في فجاجها والناس متقصفون عليه، فما رأيت أحداً يقول شيئاً، وهو لا يسكت، يقول: أيها الناس قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا)) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (15448) وأخرجه ابن حبان في صحيحه، وصححه الألباني في " إرواء الغليل " (834))

ولعل الفوائد المستنبطة من إنزال هذه الآية على نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلَّم ـ بعد ثلاثة عشر عاماً في دعوته إلى التوحيد، ونزولها على عموم البشر من بعده، لعلَّها تضبط في عدَّة نقاط محورية، يجدر التنبه لها، ويحسن تسليط الضوء عليها، فمنها:

1ـ أنَّ فيها دلالة واضحة في التأكيد على وجوب توحيد الله ومعرفته، ولو كان الداعية إلى ذلك من كبار الموحدين؛ لأنَّ النفس لايقوى إيمانها بالله، ولا تنبعث فيها روح الدعوة إلى الله، ولا ينقدح بين جوانبها التبيلغ والنذارة لهذا الدين، ولا يقوى ولاؤها لله، ولا براؤها من أعدائه، ولا تهفو للجهاد في سبيل الله، إلَّا إذا كانت دعائم التوحيد فيها راسخة، وصلابة الإيمان في جذورها متعمقة، فينتج من ذلك، قوَّة العمل لهذا الدين، وعلو الهمة في بثِّه بين أنحاء المعمورة، وصلابة الإرادة في ذلك، وقوَّة الصبر على ما تواجهه من مصاعب وعراقيل، إثر قيامها بالتعليم، وتبليغ دين رب العالمين (أن اعبدوا الله مالكم من إله غيره).

ولهذا فإنَّ الجهاد في سبيل الله، لم يشرع عبثاً، بل شرع لأجل حماية ونشر راية (لا إله إلا الله محمد رسول الله) لتكون كلمة الله هي العليا، ولتحطيم جميع المكابرين الذين يحولون بين دعوة التوحيد وبين الناس، حتى تصل إليهم بنقائها وصفائها، وتخلصهم من أدران الوثنية، وشوائب الشرك والعبودية لغير الله، ويدل عليه قوله ـ صلى الله عليه وسلَّم ـ: (بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يُعبَد الله وحده لا يشرك به شيئاً) والحديث رواه الإمام أحمد في مسنده (7/ 123ـ125) وجوَّد إسناده ابن تيمية في الاقتضاء، وحسَّنه ابن حجر وصحَّحه الشيخ أحمد شاكر،والألباني ـ رحمهم الله ـ فالغاية من الجهاد تعبيد الناس لربِّ العالمين، والإبقاء على ملَّة إبراهيم حنيفاً مسلماً، وما كان من المشركين.

2ـ أنَّ العبد المؤمن يحتاج للمزيد من تدبر هذه القضية الكبرى، والحقيقة العظمى في الكون والحياة مطلقاً؛ إذ إنَّ الشيطان أقسم بإضلال الناس وغوايتهم، بحيله الماكرة، فقال: (ولأضلنَّهم ولأمنِّينَّهم ولآمرنهم فليبتكنَّ آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرنَّ خلق الله) فلا رادَّ لذلك، ولا عاصم إلَّا الاستمساك والاعتصام بتوحيد الله، وتصفية النفس من درن الباطل، والرَّان المنطبع على القلب، وذلك لا يتمُّ إلَّا، بقوَّة التوحيد في القلب؛ فالتوحيد كما أنَّه صلب، ولا يحتمل التموُّج والمساومة في مبادئه، فهو كذلك شفَّاف يقدح فيه أدنى شيء يخلُّ بلوازمه ومقتضياته، وقد عبَّر عن ذلك الإمام ابن القيِّم ـ رحمه الله ـ بقوله: (التوحيد أشفُّ شيء وأنزهه، وأنصعه وأصفاه وأدنى شيء يخدشه ويدنسه ويؤثِّر فيه، فهو كأبيض ثوب يكون، يؤثِّر فيه أدنى أثر، وكالمرآة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير