أ ـ أنَّه ـ تعالى ـ ما خلقنا إلا لعبوديته وتوحيده، وإرساء تلك المعالم العقدية في قلوبنا، فقال: (وما خلقت الجنَّ والإنس إلا ليعبدون)، ولو كانت دعوة التوحيد يسيرة لما جلس ـ عليه الصلاة و السلام ـ ثلاثة عشر سنة يدعو لذلك الناس مسلمهم وكافرهم.
مسلمهم: لكي يتأكد ذلك في قلوبهم وليكوِّن ـ عليه الصلاة والسلام ـ من قلوبهم قاعدة صلبة للبناء الإيماني، لتتحمل الواجبات والفرائض المفروضة من قِبَلِهِ تعالى.
وأمَّا كافرهم: فلتقوم الحجَّة عليهم، بالبلاغ المبين، والبيان الواضح، ولهذا بقي ـ عليه الصلاة والسلام ـ يدعو لذلك جميع الناس حتى قبضت روحه الشريفه ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ ليبقى التوحيد في قلوب المسلمين صلباً، لا تزعزعه أعاصير الشرك العاتية، ولا رياح التغيير المنحرفة عن المنهج الإسلامي.
ب ـ أنَّ التوحيد ليس قضية سهلة، بل إنَّ هذه القضية على شفافيتها، فإنَّ تطبيقها والعمل بها من أصعب ما يكون، ولهذا قال ـ سبحانه ـ: (إنَّا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً) قال الإمام مالك: ليس في دين الإسلام شيء سهل، واستدلَّ بهذه الآية.
والمقصود أنَّ التوحيد والإيمان يحتاج سنوات عديدة في العمل لأجله، ومجاهدة النفس على تنقيتها مما يخل بذلك، لتتأصل النفس على الإبقاء عليه، والاستمساك بحبله، وقد قال جندب بن عبدالله: تعلمنا الإيمان ثمَّ تعلمنا القرآن، فازددنا به إيماناً.
ج ـ إنَّ مآسي الأمة ونكباتها لاريب أنَّها تبعث الأسى في القلب، ولكنها راجعة لعدة أسباب أولها ذكراً: ضعف إيماننا بالله وتعلقنا به وعبوديته الخالصة، فكم يوجد في عصرنا من المنتسبين إلى الإسلام، يشركون بالله، ويقصدون القبور للطواف حولها، والتعلق بأصحابها، والاستغاثة بهم.
وكم هو منتشر في بلاد المسلمين التحاكم إلى القوانين الوضعية المغايرة للمنهج الإسلامي.
وكم من منافق يدسُّ سمَّه في الظلام، ويطعن المسلمين خلف ظهورهم، وكم من خائن يدلُّ أهل الكفر على المسلمين المستضعفين، ويبيع دينه بثمن بخس.
وكم يُعْرَض في وسائل الإعلام من الأمورالمنحرفة عن التوحيد الخالص بتعظيم الكفار، والتشبه بهم، والتمنطق بأقوالهم، والتهنئة بأعيادهم، وربط صلات التآخي معهم.
وكم هو منتشر في بلاد المسلمين السحر والسحرة والشعوذة والتعلق بالرقى والتمائم والتعاويذ الشركية. وكم انتشرت البدع والانحرافات الفكرية ما بين مقلٍّ ومكثرٍ في عقول الكثير من المسلمين.
وبعد ... ألا تحتاج هذه كلها إلى وقفة محاسبة، ترجعنا إلى أهمية الإعادة والتكرار لمبادئ التوحيد، وقضاياه الكلية، من قِبَلِ دعاة الإسلام، ومن ثمَّ تنبيه الناس لذلك، وعقد الندوات المتتابعة لأجله، في جميع أنحاء الأرض، ليكون المسلمون في حصن حصين، وحرز مكين، من كلِّ داعية سوء، أو صاحب ضلالة مردية، تجنح بهم إلى الكفر والفسوق والعصيان، وقد أحسن محمد إقبال حين قال:
إذا الإيمان ضاع فلا أمان ... ولا دنيا لمن لم يحي دينا
ومن رضي الحياة بغير دينٍ ... فقد جعل الفناء لها قريناً
وفي التوحيد للهمم اتحاد ... ولن تبنوا العلا متفرقينا
فهل نعاود قراءة القرآن، وكتب أهل العلم ونستفيد منها دروساً في التوحيد والإيمان، ونطبقها في أرض الواقع، ودنيا الناس، مقتفين أثر سلفنا الصالح، حين اهتموا بهذه القضية وأولوها عناية تامَّة، وقدَّموها على جميع العلوم والمعارف، ورحم الله الإمام أبا حنيفة حين قال مؤكداً على أهمية التفقه في التوحيد: الفقه في الدين أفضل من التفقه في العلم، وصدق من قال:
أيُّها المغتذي ليطلب علماً ... كل علم عبد لعلم الرسول
تطلب الفرع كي تصحح أصلاً ... كيف أغفلت علمَ أصلِ الأصولِ
(انظر البيتين/شرح ابن أبي العز للطحاوية / صـ76)
أسأله ـ تعالى ـ أن يميتنا على الإسلام، والتوحيد الخالص غير مبدلين ولا مغيرين، ومن الله العون والسداد، وهو الموفق للرشاد.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[11 - 03 - 07, 12:22 م]ـ
مرحباً بك أخي
ـ[محمد بن شاكر الشريف]ــــــــ[11 - 03 - 07, 01:04 م]ـ
أهلا ومرحبا بالأخ خباب
اللهم يا ولي الإسلام وأهله ثبتنا عليه حتى نلقاك
ـ[أبو الحسين الزواوي]ــــــــ[11 - 03 - 07, 05:21 م]ـ
أخي خباب، حللت أهلا ونزلت سهلا، وبارك الله في قلمك وعلمك ..
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[11 - 03 - 07, 05:37 م]ـ
أحسنت أخي الحبيب.
وحياك الله وبياك في هذا المنتدى العلمى، تفيد وتستفيد.
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[11 - 03 - 07, 07:25 م]ـ
مرحباً ألف
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[11 - 03 - 07, 08:35 م]ـ
أهلا وسهلا ومرحبا بأخينا الشيخ خباب
ـ[أحمد بوادي]ــــــــ[11 - 03 - 07, 08:45 م]ـ
حياك الله وبياك
أخي الفاضل خباب
ـ[عادل المامون]ــــــــ[12 - 03 - 07, 02:50 ص]ـ
حيا الله اخونا خباب ومااعظم مابدأ به (فاعلم انه لا اله الا الله) نسأل الله ان نعمل بها ونموت عليها
وكان هذا توقيعي
¥