قال السخاوي في فتح المغيث (3
95): قال شيخنا – أي الحافظ ابن حجر -وقد كان تعظيم الصحابة ولو كان اجتماعهم به صلى الله عليه وسلم قليلا مقررا عند الخلفاء الراشدين وغيرهم. ثم ساق بسند رجاله ثقات عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أنه كان متكئا فذكر من عنده عليا ومعاوية رضي الله عنهما فتقاول رجلا معاوية فاستوى جالسا ثم قال: كنا ننزل رفاقا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنا في رفقة فيها أبو بكر فنزلنا على أهل أبيات , وفيهم امرأة حبلى ومعنا رجل من أهل البادية فقال للمرأة الحامل: أيسرك أن تلدي غلاما قالت:نعم قال: إن أعطتني شاة ولدت غلاما فأعطته فسجع لها أسجاعا ثم عمد إلى الشاة فذبحها وطبخها وجلسنا نأكل منها ومعنا أبو بكر؛ فلما علم بالقصة قام فتقيأ كل شيء أكله قال ثم رأيت ذلك البدوي قد أتى به عمر بن الخطاب , وقد هجا الأنصار فقال لهم عمر: لولا أن له صحبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أدري ما نال فيها لكفيتموه ولكن له صحبة.
قال:فتوقف عمر عن معاتبته فضلا عن معاقبته لكونه علم أنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم. وفي ذلك أكبر شاهد على أنهم كانوا يعتقدون أن شأن الصحبة لا يعدله شيء كما ثبت في حديث أبي سعيد الماضي.
فهذا النص يبين تدليسه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
2 - قول أنس بن مالك رضي الله عنه لما سئل هل بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد غيرك؟ فقال: بقي ناس من الأعراب قد رأوه؛فأما من صحبه فلا.
قال المخالف: والأثر واضح بأن أنس بن مالك لا يعد كل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم صحابيا –كذا قال –
وهذه مجازفة منه فأنس رضي الله عنه يقصد هنا الصحبة الخاصة وليست الصحبة العامة.
ولذلك قال الحافظ العراقي وغيره: والجواب أنه أراد إثبات صحبة خاصة ليست لؤلئك.
تدريب الراوي (2
211) والباعث الحثيث (175)
وقال ابن حجر رحمه الله في قول الإمام أحمد في مسلمة بن مخلد
: ليست لمسلمة صحبة.
قال ابن حجر: فلعله أراد الصحبة الخاصة.
وكذلك قول أبي حاتم في الحسين بن علي رضي الله عنهما ليست له صحبة ([2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn2)).
وكذلك قول عاصم الأحول في عبد الله ين سرجس
قال ابن حجر في ترجمة عبد الله من الإصابة: وقال شعبة عن عاصم الأحول قال: رأى عبد الله بن سرجس النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن له صحبة.
قال أبو عمر: أراد الصحبة الخاصة.
وعليه ينزل قول جابر الذي أورده المخالف , وقول شعبة في معاوية بن قرة , و قول كثير من العلماء في بعض الصحابة له رؤية ولا نذكر له صحبة. فهم يقصدون الصحبة الخاصة فتنبه.
3 - استدل المخالف بقول سعيد بن المسيب- والذي لا يصح عنه – وهو أنه كان لا يعد صحابيا إلا من أقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة أو سنتين أو غزا معه غزوة أو غزوتين. وقد اعترف المخالف بضعفه لأن في سنده الواقدي ومع ذلك استدل به.
وقوله أنه ضعيف ,فيه قصور والأصح أن يقال فيه أكثر من ذلك فالواقدي متروك عند العلماء وضاع متهم بالكذب كما ذكر ابن حجر.
وقد تعقب ابن الجوزي هذا القول المنسوب إلى سعيد بن المسيب فقال بعد أن ذكر أن الصحبة تتفاوت – القول الذي قدمناه عنه – قال: فسعيد بن المسيب عنى القسم الأول – أي الصحبة الخاصة - .. وعموم العلماء على خلاف قول ابن المسيب فإنهم عدوا جرير بن عبد الله من الصحابة وإنما أسلم في سنة عشر, وعدوا في الصحابة من لم يغز معه , ومن توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صغير السن.
تلقيح مفهوم أهل الأثر (101)
وأما مذهب الواقدي أنه كان لا يعد الصحابي إلا من رأى النبي صلى الله عليه وسلم بالغا عاقلا , واستدل به المخالف. فهو مذهب شاذ كما ذكر العلماء
انظر تدريب الراوي (2
212)
وقال السخاوي: والتقييد بالبلوغ كما قال المؤلف شاذ وهو يخرج نحو محمود بن الربيع الذي عقل من النبي صلى الله عليه وسلم مجة وهو ابن خمس سنين مع عدهم إياه في الصحابة.
فتح المغيث (3
84)
¥