14. حديث أبي هريرة (قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد): قوله (قاتل الله اليهود) يعني لعنهم وهذا دعاء عليهم بالجملة وعلى هذا يجوز الدعاء على طائفة بالجملة إذا استحقت هذا الدعاء كما أنه يجوز الدعاء على قبيلة إذا استحقت هذا الدعاء فقد دعا النبي عليه الصلاة والسلام على بعض القبائل والله سبحانه وتعالى في كتابه لعن بعض الفرق.
15. بعضهم يقول إن معنى (قاتل الله اليهود) قتلهم وأهلكهم.
16. الدعاء على فئة أو على قبيلة أو على طائفة بالجملة إذا استحقت هذا الدعاء لا يعارض الأمر القدري لأن من اليهود من أسلم ومن القبائل التي دعا عليها النبي عليه الصلاة والسلام من أسلم.
17. المتفق عليه ذكر اليهود فقط وعند مسلم (قاتل الله اليهود والنصارى).
18. اليهود لهم أنبياء ماتوا وقبروا في الأرض لكن النصارى ليس لهم إلا نبي واحد وهو عيسى عليه السلام وقد رفع ولم يقبر وهذا – أي زيادة النصارى عند مسلم – أشكل على الشراح فمنهم من قال إن أنبياء اليهود أنبياء للنصارى لأنهم مأمورون بالإيمان بهم ومنهم من قال إن في النصارى أنبياء غير عيسى وليسوا بمرسلين كالحواريين ومريم (وابن حزم يرى أن من الأنبياء ست من النسوة) ومريم ماتت وقبرت وكذلك الحواريون فلا إشكال.
19. الرواية اللاحقة وهي في الصحيحين (كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً أولائك شرار الخلق عند الله يوم القيامة) وفي رواية أيضاً (قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد) فيكون الأنبياء بالنسبة لليهود والصالحين بالنسبة للنصارى.
20. أشبه اليهود والنصارى مع الأسف الشديد كثير ممن ينتسب إلى الإسلام فالمساجد شيدت على القبور في كثير من أقطار العالم الإسلامي وليست المسألة مسألة بدعة بل المسألة مسألة شرك.
21. جاء في حديث أبي مرثد الغنوي في مسلم (لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها) فالصلاة إلى القبور ممنوعة وبعضهم يعلل ذلك بنجاسة تربتها فيفرق بين المقبرة المنبوشة - التي اختلطت تربتها بدماء الموتى وصديدهم فتنجست - والمقبرة غير المنبوشة فينظرون إلى النجاسة الحسية ولذا يقول بعضهم إنه لو فرش على أرض المقبرة فراش صحت الصلاة فيها ولكن الأمر فوق ذلك بل المنظور إليه نجاسة الشرك المعنوية فالصلاة في المقابر وسيلة إلى الشرك بهؤلاء المقبورين والأدلة على ذلك من شواهد الأحوال كثيرة.
22. وصلت الفتنة في هذا الباب إلى أن وجد ضريح من أكبر الأضرحة يسمونه ضريح الشعرة فقد شيد بناء كبير على شعرة من شعرات عبد القادر الجيلاني فيما يزعمون ويباع تراب هذا الضريح وغباره كما تباع الأدوية في الصيدليات بل أشد ويباع الماء الذي يدخل تحت الضريح ويخرج من الطرف الآخر يباع كما يباع دهن العود والمسك ولا شك أن هذه فتنة عظيمة.
23. الصلاة في المقبرة باطلة والصلاة في المسجد الذي فيه قبر قرر أهل العلم أنها باطلة.
24. المقبرة خرجت بالدليل الخاص من عموم حديث الخصائص (جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً) وإن قال ابن عبد البر وابن حجر وبعض أهل العلم أن الخصائص لا تقبل التخصيص ومعناه جواز الصلاة في المقبرة عندهم لأن حديث الخصائص لا يقبل التخصيص لأن الخصائص تشريف والتخصيص تقليل لهذا التشريف لكن إذا تعارض حقه عليه الصلاة والسلام مع حق الله عز وجل فحق الله عز وجل أولى بالتقديم والصلاة إنما هي لله عز وجل وسد الذرائع الموصلة إلى الشرك من حق الله عز وجل.
25. مزاولة أي عبادة في المقبرة كقراءة القرآن والأذكار بدعة لكن لو فرض أنه بقي عليه شيء من ورده أو أذكار الصباح والمساء وأراد أن يأتي بذلك وكان في المقبرة في تشييع جنازة فلا شك أن هذا بعيد عن وسائل الشرك لأنه مربوط بسبب كصلاة الجنازة لكن الاحتياط أولى فلا يقرأ الورد المشتمل على قرآن أو دعاء في المقبرة حمايةً لجناب التوحيد لئلا يسمعه أحد فيظن أن لهذا الورد مزية في المقبرة. أصل الدعاء للميت في المقبرة لا إشكال فيه.
26. ينبغي أن يمنع من يمشي حول المقابر بقصد الرياضة لئلا يقال فيما بعد إن الناس كانوا يطوفون على المقابر في وقت الشيخ فلان ولم ينكر. فمثل هذا ينبغي أن يبالَغ في منعه لئلا ينفتح باب ولو من بُعْد.
27. المنع من اتخاذ القبور مساجد إنما هو من باب سد الذريعة والبعد عن التشبه بعبدة الأوثان.
¥