69. حديث عائشة (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد): صار سترة لها بينها وبين هؤلاء الحبشة وكان لعبهم بالحِراب والدَّرَق للتمرن على الجهاد فإذا وجد من يتعلم ويتمرن على الجهاد في المسجد فله أصل وأما العبث في المسجد فممنوع لأن المساجد لم تبن لهذا.
70. في رواية عند البخاري (وكان يوم عيد) والعيد لا شك أنه يوم فرح وسرور ويتجاوز فيه ما لا يُتجاوز في غيره وأذن النبي عليه الصلاة والسلام بشيء من هذا ليعلم العدو أن في الدين فسحة وليس في هذا دليل على أن يتنازل عن شيء مما يطلبه الدين مراعاةً لحال العدو بل يكون هذا في حدود المباح فلا يجوز لنا ارتكاب المحرم والتنازل عن الواجب لنظهر للعدو أن عندنا قبول لشيء مما يمليه علينا أو عندنا شيء من التسامح والتساهل في أمر ديننا والتنازل من أجل إرضاء العدو.
71. الدين يسر وبعث النبي عليه الصلاة والسلام بالحنيفية السمحة ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه وإذا كانت هذه سمة الدين لكنه أيضاً دين تكاليف ودين حلال وحرام ومنع وإلزام ومع ذلك فهو في كل ذلك دين يسر وسهولة فلم يكلف الناس ما لا يطيقون.
72. إذا كان العيد يوم فرح وسرور فهو أيضاً شكر لله جل وعلا على إتمام عبادة قبله.
73. لعب هؤلاء الحبشة بالحراب والدرق في المسجد في يوم العيد هو إظهار للفرح والسرور وإظهار لقوة الإسلام وأنه دين جد وعمل فيجوز مثل هذا العمل في المسجد ولا يستدل به على تجاوز المشروع في المسجد.
74. نظر عائشة إلى الحبشة نظر إجمالي فليس معناه أنها تنظر إليهم واحداً واحداً وإلا فالمرأة مأمورة بغض البصر كالرجل لكنها ليست مأمورة بتغميض العينين كالرجل فلها أن تنظر إلى الرجال من حيث الجملة كما في المساجد والأسواق ولا تحدد في شخص بعينه من بينهم أو تحدد فيهم واحداً واحداً لأنها مأمورة بغض البصر وليس في هذا ما يدل على جواز نظر المرأة إلى الرجال واحداً واحداً والنظر إلى المجموع يختلف عن النظر إلى الأفراد.
75. حديث عائشة (أن وليدةً سوداء كان لها خباء في المسجد فكانت تأتيني فتحدَّث عندي): الوليدة هي الأمة.
76. أبو ذر لما قال لمن اختلف معه (يا ابن السوداء) وعيره بأمه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنك امرؤٌ فيك جاهلية) لكن قول عائشة (وليدة سوداء) مجرد وصف ليس القصد من الشين ولا العيب ولذا جاء النهي عن التنابز بالألقاب لكن أهل العلم يزاولون ذكر الألقاب إذا كانت لمجرد التعريف لا للتنقص.
77. الخباء هو الخيمة إذا كانت من شعر.
78. سعد ضرب له خباء في المسجد وهو رجل فيبيت وينام في المسجد وهذه امرأة لها خباء في المسجد تبيت فيه وعليه فالمبيت في المسجد لا بأس به.
79. إذا خشي من الفتنة منعت المرأة من البيتوتة في المسجد ولو كان لمبيتها أصل شرعي وكذلك لو خشي على المسجد من مبيت الرجل فإنه يخرج منه.
80. هذه الوليدة قصتها كما في البخاري كانت لحي من أحياء العرب فكانت معهم فلما أعتقوها جلست عندهم فخرجت صبية لهم عليها وشاح أحمر من سيور أي من جلد فوضعت الوشاح أو وقع منها فجاءت الحُدَيَّات فظنته لحماً فاختطفته وطارت به فلما افتقدوا هذا الوشاح اتهموا هذه الوليدة وفتشوها حتى قُبُلَها وبينما هم كذلك مرت الحُدَيَّات فألقت الوشاح فقالت الوليدة (هذا الذي اتهمتموني به وأنا بريئة منه وهاهو ذا) وبعد هذا الاتهام والتفتيش لم تطق البقاء معهم فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت. قالت عائشة (فكان لها خباء في المسجد أو حِفْش فكانت تأتيني فتحدث عندي فلا تجلس إلا قالت: ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا ألا إنه من دالة الكفر نجاني) فصارت هذه المحنة خير عظيم لها في الدنيا والآخرة.
81. حديث أنس (البصاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها): البصاق محرم في المسجد مطلقاً لا أمامه ولا عن يمينه ولا عن شماله ولا تحت قدمه فضلاً عن جهة القبلة حملاً للحديث على عمومه على ما تقدم فيما قال النووي ومن احتاج إلى ذلك في الصلاة خارج المسجد فإنه يبصق عن شماله تحت قدمه.
82. كانت المساجد أرضها من تراب ورمل يفيد فيها الدفن وأما في المساجد المفروشة فلا يجوز له أن يبصق أصلاً بل إما أن يصطحب المناديل وإما أن يستعمل ثوبه ويفرك طرفه بالآخر.
¥