تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من النصوص السابقة أن مجرد إتيان الكاهن وسؤاله عن شيء يعاقب المسلم عليه بأن لا تقبل له صلاة أربعين يوماً وأما إذا صدقه فيما قال فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن مما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم قوله تعالى {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} سورة الأنعام الآية 59.وقوله تعالى: (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ) سورة النمل الآية 65. وقوله تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ) سورة الجن الآيات 26 - 27. قال الإمام القرطبي [قال العلماء رحمة الله عليهم: لما تمدح سبحانه بعلم الغيب واستأثر به دون خلقه، كان فيه دليل على أنه لا يعلم الغيب أحد سواه، ثم استثنى من ارتضاه من الرسل، فأودعهم ما شاء من غيبه بطريق الوحي إليهم، وجعله معجزة لهم ودلالة صادقة على نبوتهم. وليس المنجم ومن ضاهاه ممن يضرب بالحصى وينظر في الكتب ويزجر بالطير ممن ارتضاه من رسول فيطلعه على ما يشاء من غيبه، بل هو كافر بالله مفتر عليه بحدسه وتخمينه وكذبه] تفسير القرطبي 19/ 28، وبناءً على ما تقدم قرر أهل العلم حرمة الذهاب إلى هؤلاء الكهان والسحرة والمشعوذين كما ثبت في حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه (قلت يا رسول الله إني حديث عهد بجاهلية وقد جاء الله بالإسلام وإن منا رجالاً يأتون الكهان، قال: فلا تأتهم) رواه مسلم.

إن ما يقوم به المنجمون والكهان والمشعوذون الجدد عبر بعض المحطات الفضائية إنما هو تخريب لعقيدة التوحيد ودعوة صريحة للشرك وإفساد لعقيدة المسلمين، فقد سمعت أحد هؤلاء الكهان يقول لإحدى المتصلات: لا تقرأي القرآن ولا تأخذي ولدك إلى الكعبة، وفي اتصال آخر يطلب كتابة آيات القرآن معكوسة وهذا تلاعب بكتاب الله عز وجل واستهزاء به، قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ} سورة التوبة الآيتان 65 - 66. ويزعم هؤلاء الدجاجلة أن هنالك خداماً لسور القرآن الكريم!! وهذا كذب وافتراء على كتاب الله عز وجل. كما أن في هذه البرامج تعليم السحر للناس على الهواء مباشرة ففي واحد من هذه البرامج يقوم الساحر بتعليم المتصلين والمتصلات طريقة السحر فيعرض حجاباً مكتوباً على صحيفة كبيرة على الشاشة ويقول للمتصل (اكتب اسمك في هذا المربع بين الطلاسم واسم أمك في المربع الآخر ولن يضرك شيئ بعده) ويقول هذا الساحر لإحدى المتصلات (رزقك عندي .. حياتك عندي .. علاقتك مع زوجك عندي .. لا مو هذا بس .. كل شيء عنك عندي) ولا شك أن هذا من الدجل بلا خجل، ولا يغيب عنا قوله تعالى في حق رسوله صلى الله عليه وسلم {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} سورة الأعراف الآية 188.

ويضاف إلى ذلك أن للموضوع خطورة كبيرة على الأسرة والمجتمع حيث إن معظم المتصلين على هذه البرامج من النساء ويسألن عن قضايا تتعلق بحياتهن الزوجية وهؤلاء الأفاكين يوجهون النساء إلى الطلاق كأسهل حل لمشكلاتهن مع أزواجهن وصدق الله العظيم إذ يقول {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ}. وحل المشكلات الزوجية لا يكون باللجوء إلى هؤلاء الكهان وإنما البحث عن حقيقة المشكلة وحلها بتعقل وباستشارة أهل العلم والخيرين من الناس.

وخلاصة الأمر أنه يحرم تصديق هؤلاء الدجاجلة ويحرم الاتصال بهذه المحطات لسؤالهم وأن هذا يدخل في التعاون على الإثم والعدوان كما قال تعالى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.

المراجع:

- القرآن الكريم.

- تفسير ابن كثير.

- فتح المجيد شرح كتاب التوحيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ وهو شرح كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهّاب.

- الصارم البتّار في التّصدِّي للسحرة الأشرار للشيخ وحيد عبد السلام بالي.

- نواقض الإيمان القوليّة والعمليّة للدكتور عبد العزيز آل عبد اللطيف.

- يسألونك للدكتور حسام الدين عفانة.

والله الموفق

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير