(الحديث من طريق أبي عثمان هذا ولو كان النهدي لقلت على شرطهما) فدل على أنه يقصد بشرطهما رواتهما.
44. لكن يوجد إشكال على هذا الكلام - وإن كان هو الصحيح والمطابق للواقع - وهو قول الحاكم (وأنا أستعين الله على إخراج أحاديث رواتها ثقات احتج بمثلها الشيخان) ولو كان مراده بشرط الشيخين نفس الرواة لقال (احتج بها الشيخان) ولم يقل (بمثلها) لأن مثل الشيء ليس هو الشيء نفسه, لكن الحافظ ابن حجر قال (الحاكم استعمل المثلية في أعم من حقيقتها ومجازها) فهو يستعمل المثلية في مجازها إذا خرَّج لنفس الرواة الذين احتج بهم الشيخان, ويستعمل المثلية في حقيقتها إذا خرَّج الحديث من طريق رواة لم يحتج بهم الشيخان لكنهم في مرتبة من احتج بهم الشيخان فهم مثل من احتج بهم الشيخان, ثم استدل بقصة تشهد لما يقول وقال إن شخصاً رأى مع آخر ثوباً وقال له (اشتر لي مثل هذا الثوب) فاشترى له نفس الثوب - استعمل المثلية بمعناها المجازي لا الحقيقي لأن مثل الشيء غير الشيء - ثم اختصما عند شريح فأمضى البيع وقال (لا شيء أشبه بالشيء من الشيء نفسه) لأنه لما اشترى له نفس الثوب جاءه بأكثر مما يطلب فجاءه بالمطابق تماماً, لأن المثل قد لا يكون مطابق تماماً.
45. قراءة الإمام في الجهرية دون السرية تجزئ عن المأموم عند جمع من أهل العلم ويميل إليه شيخ الإسلام, وبعضهم يرى أن قراءة الإمام قراءة لمن خلفه مطلقاً في السرية والجهرية.
46. حديث ابن عباس في السجود على الأعضاء السبعة: إذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أمرت أو نهيت) فالآمر والناهي هو الله عز وجل, بينما إذا قال الصحابي (أمرنا أو نهينا) فالآمر والناهي هو النبي عليه الصلاة والسلام يعني من له الأمر والنهي في قول الجمهور, وإن قال بعضهم إنه يحتمل أن يكون الآمر أو الناهي غير النبي عليه الصلاة والسلام ممن ولِّي على هذا الناقل.
47. الأنف تابعٌ للجبهة فهما عضو واحد, والأصل الجبهة لأنه قال (على الجبهة وأشار بيده إلى أنفه) , فدل على أن الأنف جزء من عضو, وليس عضواً مستقلاً, لئلا تكون الأعضاء ثمانية, والحديث فيه حصر للأعضاء في سبعة أعضاء.
48. من سجد على الجبهة دون الأنف: على القول بأنهما عضو واحد والأصل الجبهة والأنف تبع لها يكون كما لو رفع إصبع من أصابع رجليه وبقيت بقية الأصابع, فهذا سجد على القدمين وإن كان أحد الأصابع جزء من العضو, فمنهم من يقول يجزئ السجود على الجبهة دون الأنف, ومنهم من يقول هما عضو واحد لا يتجزأ كما لو سجد على الأنف دون الجبهة, والقول الثالث أن السجود على أيهما يجزئ فلو سجد على الجبهة وحدها أجزأه ولو سجد على الأنف وحده أجزأه, لكن هذا القول ضعيف, وأصح الأقوال أنهما عضو واحد لا يجزئ ولا يغني أحدهما عن الآخر, بل لا بد من السجود عليهما, ومن سجد على أحدهما لم يأت بما أمر به لأنه قال (على الجبهة وأشار بيده إلى أنفه) فكلاهما مأمور بالسجود عليه.
49. اليد تطلق ويراد بها ما بين أطراف الأنامل إلى المنكب, وتطلق ويراد بها من أطراف الأنامل إلى المرفق, وتطلق ويراد بها الكف إلى الرسغ أي الراحة مع بطون الأصابع.
50. الإطلاق الثاني أخرجه النهي عن افتراش الذراعين كافتراش السبع, وعليه فالإطلاق الأول يخرج من باب أولى لأنه أشد, ولم يقل أحد بالسجود على اليدين وإلصاقهما بالأرض من الآباط إلى أطراف الأنامل.
51. كثير من الناس يسجد على بطون الأصابع فقط ويرفع الراحة, وهذا لم يسجد على يديه بل سجد على أصابعه.
52. بعض الناس يصلي وهو يقرأ في المصحف - وهذا يظهر في سجدة التلاوة وفيها خلاف في كونها صلاة - ويركع ويسجد والمصحف في يده, فبعضهم يسجد وهو ممسك بالمصحف ومدخل أصبعه في المصحف ويسجد على ظهر الكف, وبعضهم يدخل أصبعاً واحداً ويسجد على بقية الكف. فأما من سجد على ظهر الكف فهذا لا يصح سجوده, وأما من رفع أصبعاً وسجد على بقية الكف فيرجى أن يصح سجوده وإن كان قد أخل بالمراد ولم يمتثل الامتثال الكامل لكن أمره أخف, إذا لم يباشر الأرض بأصبع واحدة أو أصبعين مثلاً أو رفعهما في أثناء السجود ثم أعادهما فالأمر سهل, كما لو رفع رجلاً واحدة أثناء السجود ثم أعادها.
¥