تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

80. ذهب الإمام الشافعي إلى شرعيتها في قول, وذهب الجمهور إلى عدم مشروعيتها, وإن كان الخلال ذكر عن الإمام أحمد أنه رجع إلى القول بها, وهي ثابتة عن النبي عليه الصلاة والسلام من فعله, وجاءت في بعض طرق حديث المسيء وهذه الرواية ذكرها الرافعي, وذكرت أيضاً في بعض طرق حديث أبي حميد, والذي يعنينا أن النبي عليه الصلاة والسلام فعلها وقال (صلوا كما رأيتموني أصلي) , وعلى هذا فالسنة الإتيان بها.

81. وأما كونها يؤتى بها عند الحاجة, فهي جلسة لا تفيد عند الحاجة, لأن المصلي إذا سجد وقام مباشرة بلا جلوس فإن هذا أسهل له من كونه يجلس قبل القيام, فهذه الجلسة لا تريح المصلي, بل هي زيادة عبء عليه لا سيما عند الكبر, لأنها ليست جلسة طويلة حتى يتحقق فيها معنى الاستراحة بل هي جلسة قصيرة.

82. الإتيان بهذه الجلسة سنة ولو لم يفعلها الإمام, فالمسلم مطالب بالاقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام. نعم هو مأمور بالاقتداء بالإمام, لكن فيما يشرع وما يفعله الإمام من أمور مشروعة, وعلى هذا لو لم يرفع الإمام يديه في مواطن الرفع لا يقال إنه لا يشرع لعدم رفع الإمام احتجاجاً بكون الإمام إنما جعل ليؤتم به, بل يشرع الرفع لأنه إذا أخل ببعض السنن فإننا لا نخل بها, فإذا لم يجلس الإمام هذه الجلسة - وفي تسميتها بجلسة الاستراحة نظر - فلا يتابع على ذلك لأنه خالف السنة, والعبرة بفعل النبي عليه الصلاة والسلام. ثم إن هذه الجلسة يسيرة لا تخل بمتابعة الإمام.

83. جاء في بعض الألفاظ في بعض الأحاديث أنه كان لا يفعلها عليه الصلاة والسلام كما جاء في حديث وائل بن حجر في صفة صلاة النبي عليه الصلاة والسلام (فكان إذا رفع رأسه من السجدتين استوى قائماً) لكن هذا الحديث ضعفه النووي وجاء في معناه بعض الأحاديث, فإذا ثبتت فإنها تحمل على بيان الجواز وأن فعلها مجرد سنة وتركها جائز.

84. حديث أنس في القنوت بعد الركوع: هذا القنوت يسميه أهل العلم قنوت النوازل.

85. أحياء العرب التي دعا عليه الرسول عليه الصلاة والسلام في قنوته هم رِعْل وعُصَيَّة وبنو لحيان. قنت عليهم شهراً ثم ترك القنوت.

86. النبي عليه الصلاة والسلام أرسل زُهَاء أربعين رجلاً يعرفون بالقراء إلى قوم من المشركين فغدروا بهم وقتلوهم فقنت النبي عليه الصلاة والسلام مدة شهر يدعو عليهم.

87. قنوت النوازل مشروع وهو مربوط بالأمور العامة التي تنزل بالأمة لا ما ينزل بشخصٍ معين. لو مرض عالم كبير من علماء المسلمين فإنه لا يقال للمسلمين اقنتوا للنوازل لكي يرفع الله عنه هذا البلاء لأن هذه ليست نازلة وإن كان أثرها في الأمة ظاهراً لكن يدعى له في ظهر الغيب وفي السجود وفي أوقات الإجابة.

88. الصحابة لم يقنتوا لما مرض النبي عليه الصلاة والسلام فمثل هذا لا يشرع وإن فعله بعض المجتهدين من أهل الحماس والغيرة الذين يقنتون إذا مرض عالم من العلماء. وهذه وإن كانت نازلة إلا أنها خاصة وليست عامة.

89. في الحديث أنه قنت بعد الركوع, وجاء عن أنس أن القنوت كان قبل الركوع: ابن القيم وفق بين هذا وهذا فقال إن القنوت الذي قبل الركوع هو طول قيام بالقراءة لأن القنوت في الأصل هو طول القيام كما في قوله تعالى (قوموا لله قانتين) والقنوت الذي بعد الركوع هو طول قيام بالدعاء فلا اضطراب.

90. هل يحدد قنوت النوازل بالمدة التي ذكرت في الحديث وهي الشهر لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قنت شهراً وهو المشرع وهو القدوة فلا نزيد على ما فعل ولا ننقص عنه, أو يقال إن النازلة تقدر بقدرها على حسب ما يقدره أهل الاجتهاد من علماء المسلمين فقد لا تصل إلى حد الشهر وقد تزيد على الشهر؟ هذا محل نظر, ولا شك أن النوازل متفاوتة, فمنها ما هو مربوط بمدة ووقت, ومنها ما يطلب كشفه فيستمر إلى أن ينكشف, ومنها ما حصل وانتهى كقتل هؤلاء القراء. والمقصود أن المدة محل للاجتهاد.

91. عند أحمد والدار قطني نحو حديث أنس من وجه آخر عن أنس - وهذا الوجه ضعيف - وفيه زيادة (وأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا) وفي الحديث الأول (ثم تركه) فإما أن يقال إنه تركه في بقية الفرائض واستمر في الصبح وإما أن يقال إن رواية (فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا) ضعيفة ولا تعارض بها الرواية الصحيحة. و لو صحت لقلنا إن معنى القنوت فيها إطالة القراءة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير