استثني من الدعاء وما اقترن بلفظ الشهادة.
21. الأحاديث في التحيات: التشهد جاء على ألفاظ وصيغ يجدر بالمسلم أن يحفظ ما صح منها وأن يستعمل جميع ماورد منها, فاختلافها اختلاف تنوع وليس اختلاف تضاد.
22. أكثر أهل العلم رجحوا تشهد ابن مسعود, والشافعي رجح تشهد ابن عباس, والأولى أن تقال كلها ما دامت كلها ثابتة عن النبي عليه الصلاة والسلام.
23. التحيات جمع تحية وهي بالنسبة لله البقاء والدوام, والصلوات هي الخمس أو جميع الصلوات من فرائض ونوافل, والطيبات ما طاب من الكلم وما حسن من الفعل, وقدم السلام على رسول الله لعظم حقه لأنه بسببه وباتباعه تحصل النجاة للعبد وبمخالفته تحصل الهلكة له, والعبد الصالح هو من يقوم بحق الله وحق عباده.
24. قوله (ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو): اختلف أهل العلم في سؤال شيء من أمور الدنيا وهل يدعى بها في الصلاة أو لا يدعى بها في الصلاة, لكن في الحديث ما يدل على عموم أمور الآخرة وأمور الدنيا.
25. عند النسائي (كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد): فيه دليل على أن التشهد فرض في الصلاة, وأما التشهد الأول فهو واجب وليس بركن لأن النبي عليه الصلاة والسلام لما تركه لم يعد إليه بل جبره بسجود السهو, وليس بمندوب فقط لأنه لو كان مندوباً لما احتيج إلى السجود, وأما التشهد الأخير فيبقى على فرضيته فهو ركن من أركان الصلاة.
26. لأحمد بإسناد ضعيف (أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه التشهد وأمره أن يعلمه الناس): بهذا يستدل على وجوب التشهد, لكن يغني عنه ما قبله لأنه ضعيف.
27. قال البزار: أصح حديث عندي في التشهد حديث ابن مسعود, يروى عنه من نيِّفٍ وعشرين طريقاً, ولم نعلم أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد أثبت منه ولا أصح إسناداً ولا أثبت رجالاً ولا أشد تضافراً بكثرة الأسانيد والطرق. وقال مسلم: إنما أجمع الناس على تشهد ابن مسعود لأن أصحابه لا يخالف بعضهم بعضاً وغيره قد اختلف عنه أصحابه. وقال الإمام محمد بن يحيى الذهلي: هو أصح ما روي في التشهد. فهو من حيث الإساد أصح, لكن من رجح تشهد ابن عباس قال لأنه مشتمل على زيادات. وتشهد ابن مسعود متفق عليه, وتشهد ابن عباس عند مسلم.
28. حديث فضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يدعو في صلاته ولم يحمد الله ولم يصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم فقال (عجل هذا) ثم دعاه فقال (إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو بما شاء): مقتضى صنيع المؤلف رحمه الله في وضعه هذا الحديث بين أحاديث التشهد أن هذا الدعاء كان بعد التشهد وأنه خاص بالتشهد, يعني بعد الثناء على الله عز وجل والتمجيد والتشهد والشهادة والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام يستعيذ بالله من الأربع ثم يتخير من المسألة ما شاء, وإلا فالنص ليس فيه ما يدل على أنه في التشهد, ولا في شيء من طرقه ما يدل على ذلك. وبعضهم يرى أن الحديث عام في الدعاء داخل الصلاة وخارج الصلاة, فيحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي عليه الصلاة والسلام في أي موضع كان من الصلاة. ومنهم من يرى أن هذا خاص بالدعاء خارج الصلاة وأما في الصلاة فيقتصر فيها على ما جاء عنه عليه الصلاة والسلام لأنه لم يقل أحد من أهل العلم أنه يثني على الله عز وجل ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في السجود أو بين السجدتين. فهذا إما أن يكون في الصلاة في آخرها كما هو مقتضى صنيع المؤلف, أو يكون في الصلاة التي يراد بها الدعاء بمعناها الأعم كما هو الأصل في الصلاة في اللغة, فقوله (سمع رجلاً يدعو في صلاته) أي يدعو في دعائه, فالصلاة هنا بمعناها الأعم الذي هو مطلق الدعاء.
¥