الأدبُ مع العلماء، والتَّواضُع في العلم: بين الشَّاطبيِّ والقَبّاب.
ـ[أبو إسحاق المالكي]ــــــــ[03 - 04 - 07, 09:41 م]ـ
كان الشاطبي قد استشكل أمورا في أصل مراعاة الخلاف عند المالكية، وإنه قد راسل بعضَ علماء المذهب، وكان ممن راسلَه أبو العباس القَباب. فأجاب القباب، رحمه الله، وكان مما قاله في الجواب:
"اعلم أنَّ مراعاة الخلاف من محاسن هذا المذهب:
وكم من عائبٍ قولا صحيحا=وآفته من الفهم السقيم".
فراجَعَ الشاطبي شيخه أبا العباس القباب في هذه الكلمة التي فَرَطَت منه، ورآها مما لا ينبغي، لأنَّ بعض أهل العلم قد استشكل ذلك، كابن عبد البر والقاضي عياض وغيرهما، وكان مما قالَه الشاطبيُّ رحمه الله، مِمَّا فيه الأدب الجم مع أهل العلم:
"وجَرَى في كلامكم في هذه المسألة أنَّكم لما حكيتُم عن العلماء استشكالَ القول بمراعاة الخلاف= نَزَعتُم بالبيت إلى من استشكله، فهو بعيد الفهم عن الصحة.
وأنا يا سيِّدي، أستثقلُ الحَوْمَ حولَ هذه المَنازِع، التي تُشير إلى انتقاص مَنْ تقدَّم من أهل العلم المُستشكلين، إذْ منهم أبو عمرَ بنُ عبد البر وسِواه، وإنْ كان الإشارة على بعد.
وأنتُم أعرَفُ بما فيها منا، وإنَّما حَسنَ النَّظَرُ معهم أنْ يكون على جهة الاستشكال، وتوقّف الفهم عمَّا أرادوه، فهو أليقُ بآداب العلماء، وأخْلاق الفُضَلاء، وأحْرَى بتنوير القَلب، وانشراح الصدر، وأجلب للفائدة في الدنيا والآخرة. والمقصودُ بعد ذلك حاصِلٌ، إذا تبيّن فيه الإشكال، وظهر ما هو الصواب. فإنْ ظَهَر أنَّ الصَّواب خِلاف ما قالوه، التُمِسَ لهم أحسنُ المخارج، وحُمِلَ كلامُهم على أقرب ما يَليقُ به من مَناحي الصّحة، وأنْ يبين ما هو الحق عند النَّاظر، وحسنت الإشارة إلى رد ما خالفه".
المعيار المعرب 6/ 392.
وقد تضمّنت مراجعةُ الشاطبي للقباب -إلى جانب ما أثبتُه- بعضَ الاعتراضاتِ على جوابه عن الاستشكالات الواردة على مراعاة الخلاف. والآنَ اسمع ما قاله أبو العباس في مُراجعات الشّاطبي له:
"يا أخي، رضي الله عنكم، وَصَلَني ما كتبتُم لي به فيما سألتُموه مِمَّا لا تَرْضَوْنَه من جَوابي في كذا وكذا، وحَصَل لي من ذلك في الوقت ما الله المسؤول أنْ يُثيبكم عليه، ويُعظمَ به أجورَكم، وما أحقّ المسؤول أن يعود سائلا، والمفيد مُستفيداً، فلَكُم الفضلُ أوّلاً وآخراً. وقد وضح لكم صِدقُ مَقالي: أنِّي لستُ أهلاً لهذا المقام، لكنّي تكلّفتُ الجوابَ إسعافاً لرغبتكم، وقضاءً لحقّ صدقكم (كذا)، "ومُبْلِغ نفس عُذْرَها مثل مُنْجِح" (في المطبوعة: منجم)، إلى غير ذلك مما تضمنه كتابُكم من الفوائد والنصح".
المعيار المعرب 6/ 392 - 393.
فللّهِ ما كان آدَبهم!
ـ[تميم بن إبراهيم]ــــــــ[04 - 04 - 07, 02:16 ص]ـ
أحسن الله إليك ..
ـ[حمد بن صالح المري]ــــــــ[04 - 04 - 07, 08:37 ص]ـ
جزاك الله خيراً ... وأجزل الله لك المثوبة والأجر ... فما أحوجنا إلى مثل هذه الدروس ...
ـ[أبو إسحاق المالكي]ــــــــ[08 - 04 - 07, 06:12 م]ـ
للرَّفع والإعْلاء .. رَفَعَ الله أقدارَكم، وأعْلَى في الصَّالحين دَرَجاتِكم ..
ـ[توبة]ــــــــ[02 - 02 - 08, 01:00 م]ـ
رفع الله قدركم، و أعلى في الصالحين درجتكم.
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[02 - 02 - 08, 08:25 م]ـ
جزاك الله خيراً وبارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك وأسكنك الفردوس الأعلى.