تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لقد قال الباحثون: إن أحد أبناء الفراعنة مَرِض وحارت الكهنة في علاجه، وذات يوم دخل على فرعون كاهن نوبي معه بصلة أمر بوضعها قرب أنف المريض، بعد تقديم القرابين لإله الموت "سكر" فشُفِيَ. وكان ذلك في بداية الربيع، ففَرِح الأهالي بذلك وطافوا بالبلد والبصل حول أعْناقِهم كالعُقود حول معابد الإله "سكر" وبمرور الزمن جدَّت أسطورة أخرى تقول: إن امرأة تخرج من النيل في ليلة شم النسيم يدعونها "نداهة" تأخذ الأطفال من البيوت وتُغرقهم، وقالوا: إنها لا تستطيع أن تدخل بيتًا يعلَّق عليه البصل" محمد صالح – الأهرام: 30/ 4/1962 " ثم حدث في التاريخ المصري حادثان: أولُهما يتصل باليهود، والثاني بالأقباط، أما اليهود فكانوا قبل خروجهم من مصر يحتفلون بعيد الرَّبيع كالمصريين، فلما خرجوا منها أهملوا الاحتفال به، كما أهملوا كثيرًا من عادات المصريين، شأن الكاره الذي يُريد أن يتملَّص من الماضي البغيض وآثاره، لكن العادات القديمة لا يُمكن التخلُّص منها نهائيًا وبسهولة، فأحَب اليهود أن يحتفلوا بالربيع لكن بعيدًا عن مصر وتقويمها، فاحتفلوا به كما يَحتفل البابليون، واتَّبعوا في ذلك تقويمَهم وشهورهم.

فالاحتفال بالربيع كان معروفًا عند الأمم القديمة من الفراعنة والبابليين والآشوريين، وكذلك عَرَفَه الرومان والجرمان، وإن كانت له أسماء مختلفة، فهو عند الفراعنة عيد شم النسيم، وعند البابليين والآشوريين عيد ذبح الخروف، وعند اليهود عيد الفِصْح، وعند الرومان عيد القمر، وعند الجرمان عيد"إستر" إلهة الربيع.

وأخذ احتفال اليهود به معنى دينيًّا هو شكر الله على نجاتهم من فرعون وقومه.

وأطلقوا عليه اسم " عيد بساح" الذي نُقل إلى العربية باسم "عيد الفِصْح" وهو الخروج، ولعلَّ ممَّا يُشير إلى هذا حديث رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال: قَدِم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة فرأى أن اليهود تصوم عاشوراء، فقال لهم: «ما هذا اليوم الذي تصومونه؟» قالوا هذا يوم عظيم، نجَّى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرًا فنحن نصومه، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ «نحن أحقُّ وأولي بموسى منكم»، فصامه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأمر بصيامه. وفِي رواية فنحن نصومه تعظيمًا له.

غير أن اليهود جعلوا مَوعدًا غير الذي كان عند الفراعنة، فحدَّدوا له يوم البدر الذي يَحل في الاعتدال الربيعي أو يعقبه مباشرةً.

ولما ظهرت المسيحية في الشام احتفل المسيح وقومُه بِعيد الفِصح كما كان يحتفل اليهود. ثم تآمر اليهود على صَلْب المسيح وكان ذلك يوم الجمعة 7 إبريل سنة 30 ميلادية، الذي يَعْقُب عيد الفِصح مباشرًة، فاعتقد المسيحيُّون أنه صلب في هذا اليوم، وأنه قام مِن بين الأموات بعد الصَّلْب في يوم الأحد التالي، فرأى بعض طوائفها أن يحتفلوا بذكرى الصلب في يوم الفِصْح، ورأت طوائف أخرى أن يحتفلوا باليوم الذي قام فيه المسيح من بين الأموات، وهو عيد القيامة يوم الأحد الذي يعقب عيد الفصح مباشرةً، وسارت كل طائفة على رأيها، وظل الحال على ذلك حتى رأي قسطنطين الأكبر إنهاء الخلاف في "نيقية" سنة 325 ميلادية، وقرَّر توحيد العيد، على أن يكون في أول أَحَد بعد أول بدر يقع في الاعتدال الربيعي أو يعقبه مباشرةً، وحسب الاعتدال الرَّبيعي وقتذاك فكان بناءً على حسابهم في يوم 21 من مارس "25 من برمهات"، فأصبح عيد القيامة في أول أحد بعد أول بدر، وبعد هذا التاريخ أُطلِق عليه اسم عيد الفصح المسيحي تمييزًا له عن عيد الفِصْح اليهودي.

هذا ما كان عند اليهود وتأثُّر المسيحيين به في عيد الفصح. أما الأقباط ـ وهم المصريون الذين اعتنقوا المسيحية ـ فكانوا قبل مسيحيتهم يحتفلون بعيد شم النسيم كالعادة القديمة، أما بعد اعتناقهم للدين الجديد فقد وجدوا أن للاحتفال بعيد شم النسيم مظاهِرَ وثنيَّةً لا يُقرُّها الدِّين، وهم لا يستطيعون التخلُّص من التقاليد القديمة، فحاولوا تعديلها أو صبْغها بصبغة تتَّفق مع الدين الجديد، فاعتبروا هذا اليوم يومًا مباركًا بدأت فيه الخَليقة، وبَشَّر فيه جبريل مريم العذراء بحَمْلها للمسيح، وهو اليوم الذي تقوم فيه القيامة ويُحشر الخلق، ويذكرنا هذا بحديث رواه مسلم عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ" خير

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير