تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثالث: إن قال الألباني كما سبق: نعم، هي عامة لجميع النساء، ولكنها لا تدل على تغطية الوجه، وإنما تدل على ستر النساء لأشخاصهن عند سؤال الرجال لهن المتاع. أقول: هذا تناقض عظيم تتنزه الشريعة عنه. إذ كيف تأمرهن بستر أشخاصهن عند سؤال المتاع، ثم ترخص لهن في كشف وجوههن أمام الرجال على حد قولك؟!!

فما الداعي لحجاب الأشخاص أصلاً ما دامت الوجوه مكشوفة؟!

أما من يرى تغطية الوجه –وهو القول الصحيح- فإنه لم يتناقض هنا، ولله الحمد، لأن هذه الآية عنده تدل على تغطية الوجه لجميع النساء المؤمنات.

والحجاب في الآية عنده يشمل تغطية الوجه، وحجاب الجدار والستر ونحوه.

5 - يرى الألباني أنه لا فرق بين حجاب الحرة المسلمة والأمة المسلمة فالواجب عليهن ستر أبدانهن ما عدا الوجه والكفين، ويشنع على من قال بالفرق بين حجاب الحرة وحجاب الأمة وهم جمهور الأمة. ثم نراه يصحح أثر قتادة في تفسير آية (يدنين عليهن من جلابيبهن) وهو قوله –أي قتادة-: "أخذ الله عليهن إذا خرجن أن يقنعن على الحواجب" (19)

ولكن الألباني لم يكمل قول قتادة! بل بتره كما سبق! فهو يقول بعد الكلام السابق: "وقد كانت المملوكة إذا مرت تناولوها بالإيذاء، فنهى الله الحرائر أن يتشبهن بالإماء"!

فقتادة كالجمهور يفرق بين حجاب الحرة والأمة. فيلزم الألباني حينئذٍ أن يفرق بين حجابيهما، أو أن لا يحتج بأثر قتادة الذي يناقض قوله!

6 - أخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: "يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) شققن مروطهن فاختمرن بها" قال الحافظ ابن حجر: "اختمرن: أي غطين وجوههن" (20) فلم يعجب هذا التفسير الألباني رحمه الله لأنه يناقض قوله بجواز كشف الوجه. فقال مُخَطِّئًا الحافظ ابن حجر بأسلوب غريب: "قوله "وجوههن" يحتمل أن يكون خطأ من الناسخ، أو سبق قلم من المؤلف، أراد أن يقول "صدورهن" فسبقه القلم .. " (21)!! فانظر كيف يخطئ العلماء في سبيل إقرار رأيه الضعيف؟! وفاته – عفا الله عنه - أن الحافظ ابن حجر قال عند تعريف الخمر: "ومنه خمار المرأة لأنه يستر وجهها" (22)! فهو يعني ما يقول، ولم يخطئ كما يزعم الألباني!.

7 - شنع الألباني رحمه الله على القائلين بأن الخمار هو ما يغطي الوجه والرأس، فلما أحرجوه واحتجوا عليه بأقوال شراح الحديث؛ كالحافظ ابن حجر –كما سبق-، وبقول الشاعر:

قل للمليحة في الخمار المذهب ... أفسدت نسك أخي التقي المذهب

نور الخمار ونور خدك تحته ... عجبًا لوجهك كيف لم يتلهب

قال الألباني: "لا يلزم من تغطية الوجه به أحياناً أن ذلك من لوازمه عادة" (23)! فاعترف رحمه الله بأن الخمار يغطي الوجه! إذاً: فلماذا كل هذا التشنيع؟!

8 - ذكر الألباني حديث أنس –في الصحيحين وغيرهما-: "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما اصطفى لنفسه من سبي خيبر صفية بنت حيي قال الصحابة: ما ندري أتزوجها أم اتخذها أم ولد؟ فقالوا: إن يحجبها فهي امرأته، وإن لم يحجبها فهي أم ولد. فلما أراد أن يركب حجبها حتى قعدت على عجز البعير، فعرفوا أنه تزوجها. وفي رواية: وسترها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحملها وراءه وجعل رداءه على ظهرها ووجهها"

ثم ذكر قول شيخ الإسلام تعليقاً على هذا الحديث: "والحجاب مختص بالحرائر دون الإماء كما كانت سنة المؤمنين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه أن الحرة تحتجب والأمة تبرز" (24) واستغربه!! لأن الألباني يرى أن نساء المؤمنين وإماءهم لا يجب عليهن تغطية الوجه بل الرأس.

قلت: لا غرابة في كلام شيخ الإسلام رحمه الله؛ لأنه من القائلين بأن حجاب الحرائر –سواء كن زوجاته صلى الله عليه وسلم أو نساء المؤمنين- هو تغطية الوجه، وأما الإماء فيكشفن وجوههن ورؤوسهن.

9 - زعم الألباني عفا الله عنه أن الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله يذهب إلى أن الخمار هو غطاء الرأس فقط، وأن القواعد من النساء لا حرج عليهن في وضعه!! ثم نقل قوله مبتورًا! (25)

وفاته أن الشيخ ابن سعدي قال في تفسير قوله تعالى (فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن): "أي الثياب الظاهرة؛ كالخمار ونحوه الذي قال الله فيه للنساء (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) فهؤلاء يجوز لهن أن يكشفن وجوههن لأمن المحذور منها وعليها" (26).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير