تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بل الانسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره على أن الأئمة الأربعة وغيرهم من أهل العلم قد نهوا عن تقليدهم مع ظهور السنة فكلام أحمد الذي ذكره المصنف كاف عن تكثير النقل عنه وقال أبو حنيفة اذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين واذا جاء عن الصحابة فعلى الرأس والعين واذا جاء عن التابعين فنحن رجال وهم رجال وفي روضة العلماء سئل أبو حنيفة اذا قلت قولا وكتاب الله يخالفه قال اتركوا قولي لكتاب الله قيل اذا كان قول الرسول يخالفه قال اتركوا قولي لخبر الرسول صلى الله عليه وسلم قيل اذا كان قول الصحابة يخالفه قال اتركوا قولي لقول الصحابة فلم يقل هذا الإمام ما يدعيه جفاة المقلدين له أنه لا يقول قولا يخالف كتاب الله حتى أنزلوه بمنزلة المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى وروى البيهقي في السنن عن الشافعي أنه قال اذا قلت قولا وكان عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف قولي فما يصح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى فلا تقلدوني وقال الربيع سمعت الشافعي يقول اذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوا ما قلت وتواتر عنه أنه قال إذا صح الحديث أي بخلاف قولي فاضربوا بقولي الحائط وقال مالك كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلام الأئمة مثل هذا كثير فخالف المقلدون ذلك وجمدوا على ما وجدوه في الكتب المذهبية سواء كان صوابا أم خطأ مع أن كثيرا من هذه الأقوال المنسوبة إلى الأئمة ليست أقوالا لهم منصوصا عليها وإنما هي تفريعات ووجوه واحتمالات وقياس على أقوالهم ولسنا نقول إن الأئمة على خطأ بل هم إن شاء الله على هدى من ربهم وقد قاموا بما أوجب الله عليهم من الايمان بالرسول صلى الله عليه وسلم ومتابعته ولكن العصمة منتفية عن غير الرسول فهو الذي ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى فما العذر في اتباعهم وترك اتباع الذي لا ينطق عن الهوى.

قوله لعله أي لعل الانسان الذي تصح عنده سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قوله إذا رد بعض قوله أي قول النبي صلى الله عليه وسلم.

قوله ان يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك هذا تنبيه على أن رد قول الرسول صلى الله عليه وسلم سبب لزيغ القلب الذي هو سبب الهلاك في الدنيا والاخرة فإذا كانت إساء الأدب معه في الخطاب سببا لحبوط الأعمال كما قال تعالى لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون فما ظنك برد أحكامه وسنته لقول أحد من الناس كائنا من كان قال شيخ الاسلام فإذا كان المخالف عن امره قد حذر من الكفر والشرك أو من العذاب الأليم دل على أنه قد يكون مفضيا الى الكفر والعذاب الأليم ومعلوم أن إفضاؤه الى العذاب هو مجرد فعل المعصية فإفضاؤه الى الكفر إنما هو لما يقترن به من استخفاف بحق الآمر كما فعل ابليس لعنه الله فإذا علمت أن المخالفة عن أمره صلى الله عليه وسلم سبب للفتنة التي هي الشرك والعذاب الأليم في الدنيا والآخرة علمت أن من رد قوله وخالف أمره لقول أبي حنيفة أو مالك أو غيرهما لهم النصيب الكامل والحظ الوافر من هذه الآية وهذا الوعيد على مخالفة أمره صلى الله عليه وسلم وقد استدل بهذه الآية كثير من العلماء على أن أصل الأمر للوجوب حتى يقوم دليل على استحبابه.

قال: عن عدي بن حاتم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله الآية فقلت له إنا لسنا نعبدهم قال أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتحلونه فقلت بلى قال فتلك عبادتهم رواه أحمد والترمذي وحسنه.

ش: هذا الحديث قد روي من طرق فرواه ابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في السنن وفيه قصة اختصرها المصنف.

قوله عن عدي بن حاتم أي الطائي المشهور وهو ابن عبد الله بن سعد بن الحشرج بفتح المهملة وسكون المعجمة وآخره جيم مات مشركا وعدي يكنى أبا طريف بفتح المهملة صحابي شهير حسن الإسلام مات سنة ثمان وستين وله مائة وعشرون سنة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير