تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قول الله تعالى الم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل اليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت الآيات

ش: لما كان التوحيد الذي هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله مشتملا على الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم مستلزما له وذلك هو الشهادتان ولهذا جعلهما النبي صلى الله عليه وسلم ركنا واحدا في قوله بني الاسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا نبه في هذا الباب على ما تضمنه التوحيد واستلزمه من تحكيم الرسول صلى الله عليه وسلم في موارد النزاع إذ هذا هو مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله ولازمها الذي لا بد منه لكل مؤمن فإن من عرف أن لا إله إلا الله فلا بد من الانقياد لحكم الله والتسليم لأمره الذي جاء من عنده على يد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم فمن شهد أن لا إله إلا الله ثم عدل إلى تحكيم غير الرسول صلى الله عليه وسلم في موارد النزاع فقد كذب في شهادته وإن شئت قلت لما كان التوحيد مبنيا على الشهادتين إذ لا تنفك أحداهما عن الأخرى لتلازمهما وكان ما تقدم من هذا الكتاب في معنى شهادة أن لا إله إلا الله التي تتضمن حق الله على عباده نبه في هذا الباب على معنى شهادة أن محمدا رسول الله التي تتضمن حق الرسول صلى الله عليه وسلم فإنها تتضمن أنه عبد لا يعبد ورسول صادق لا يكذب بل يطاع ويتبع لأنه المبلغ عن الله تعالى فله عليه الصلاة والسلام منصب الرسالة والتبليغ عن الله والحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه إذ هو لا يحكم إلا بحكم الله ومحبته علىالنفس والاهل والمال والوطن وليس له من الألهية شيء بل هو عبدالله ورسوله كما قال تعالى وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا وقال صلى الله عليه وسلم انما أنا عبد فقولوا عبدالله ورسوله ومن لوازم ذلك متابعته وتحكيمه في موارد النزاع وترك التحاكم إلى غيره كالمنافقين الذي يدعون الإيمان به ويتحاكمون إلى غيره وبهذا يتحقق العبد بكمال التوحيد وكمال المتابعة وذلك هو كمال سعادته وهو معنى الشهادتين إذا تبين هذا فمعنى الآية المترجم لها إن الله تبارك وتعالى أنكر على من يدعي الإيمان بما انزل الله على رسوله وعلى الانبياء قبله وهو مع ذلك يريد أن يتحاكم في فصل الخصومات إلى غير كتاب الله وسنة رسوله كما ذكر المصنف في سبب نزولها قال ابن القيم والطاغوت كل من تعدى به حده من الطغيان وهو مجاوزة الحد فكل ما تحاكم إليه متنازعان غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهو طاغوت اذ قد تعدى به حده ومن هذا كل من عبد شيئا دون الله فإنما عبد الطاغوت وجاوز بمعبوده حده فأعطاه العبد التي لا تنبغي له كما ان من دعا الى تحكيم غير الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فقد دعا إلى تحكيم الطاغوت وتأمل تصديره سبحانه الاية منكرا لهذا التحكيم على من زعم أنه قد آمن بما انزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى من قبله ثم هو مع ذلك يدعو إلى تحكيم غير الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ويتحاكم إليه عند النزاع وفي ضمن قوله يزعمون نفي لما زعموه من الإيمان ولهذا لم يقل ألم ترى إلى الذين آمنوا فإنهم لو كانوا من اهل الإيمان حقيقة لم يريدوا أن يتحاكموا الى غير الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ولم يقل فيهم يزعمون فإن هذا إنما يقال غالبا لمن ادعى دعوى هو فيها كاذب أو منزل منزلة الكاذب لمخالفته لموجبها وعمله بما ينافيها قال ابن كثير والآية ذامة لمن عدل عن الكتاب والسنة وتحاكم إلى ما سواهما من الباطل وهو المراد بالطاغوت ههنا.

وقوله تعالى وقد أمروا أن يكفروا به.

أي بالطاغوت وهو دليل على أن التحاكم إلى الطاغوت مناف للايمان مضاد له فلا يصح الايمان الا بالكفر به وترك التحاكم اليه فمن لم يكفر بالطاغوت لم يؤمن بالله.

وقوله ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا أي لأن ارادة التحاكم إلى غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من طاعة الشيطان وهو إنما يدعو أحزابه ليكونوا من اصحاب السعير وفي الآية دليل على أن ترك التحاكم إلى الطاغوت الذي هو ما سوى الكتاب والسنة من الفرائض وان التحاكم اليه غير مؤمن بل ولا مسلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير