تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يدفعه وكالسيف والقلب كالساعد الذي يضرب به وفي متعلق قوله في أنفسهم قولان أحدهما بقوله بليغا أي قولا بليغا في أنفسهم وهذا حسن من جهة المعنى ضعيف من جهة الإعراب لأن صفة الموصوف لا تعمل فيما قبلها والقول الثاني أنه متعلق بقل وفي المعنى على هذا قولان أحدهما قل لهم في أنفسهم خاليا بهم ليس معهم غيرهم بل مسرا لهم النصيحة والثاني أن معناه قل لهم في معنى أنفسهم كما يقال قل لفلان في كيت وكيت أي في ذلك المعنى قلت وهذا القول أحسن ثم قال تعالى وما ارسلنا من رسول الا ليطاع بإذن الله قال ابن كثير أي إنما فرضت طاعته على من أرسلته اليهم وقال ابن القيم هذا تنبيه على جلالة منصب الرسالة وعظم شأنها وأنه سبحانه لم يرسل رسله عليهم الصلاة والسلام إلا ليطاعوا بإذنه فتكون الطاعة لهم لا لغيرهم لأن طاعتهم طاعة مرسلهم وفي ضمنه أن من كذب رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم فقد كذب الرسل والمعنى أنك واحد منهم تجب طاعتك وتتعين عليهم كما وجبت طاعة من قبلك من المرسلين فإن كانوا قد أطاعوهم كما زعموا وآمنوا بهم فما لهم لا يطيعونك ويؤمنون بك والإذن ههنا هو الإذن الأمري لا الكوني إذ لو كان إذنا كونيا قدريا لما تخلفت طاعتهم وفي ذكره نكتة وهي أنه بنفس إرساله تتعين طاعته وارساله نفسه إذن في طاعته فلا تتوقف على نص آخر سوى الارسال بأمر فيه بالطاعة بل متى تحققت رسالته وجبت طاعته فرسالته نفسها متضمنة للاذن في الطاعة ويصح أن يكون الإذن ههنا إذنا كونيا قدريا ويكون المعنى ليطاع بتوفيق الله وهدايته فتضمن الآية الأمرين الشرع والقدر ويكون فيها دليل على أن أحدا لا يطيع رسله إلا بتوفيقه وارشاده وهدايته وهذا حسن جدا والمقصود أن الغاية من الرسل هي طاعتهم ومتابعتهم فإذا كانت الطاعة المتابعة لغيرهم لم تحصل الفائدة المقصودة من ارسالهم.

وقوله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستفغروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما.

قال ابن القيم لما علم سبحانه ان المرسل إليهم لا بد لهم من ظلم لأنفسهم واتباع لأهوائهم أرشدهم إلى ما يدفع عنهم شر ذلك الظلم وموجبه وهو شيئان أحدهما منهم وهو استغفارهم ربهم عز وجل والثاني من غيرهم وهو استغفار الرسول صلى الله عليه وسلم لهم إذا جاؤوه وانقادوا له واعترفوا بظلمهم فمتى فعلوا ذلك وجدوا الله توابا رحيما يتوب عليهم فيمحو أثر سيئاتهم ويقيهم شرها ويزيدهم مع ذلك رحمته وبره واحسانه.

فإن قلت فما حظ من ظلم نفسه بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الآية وهل كلام بعض الناس في دعوى المجيء إلى قبره صلى الله عليه وسلم والاستغفار عنده والاستشفاع به والإستدلال بهذه الآية على ذلك صحيح أم لا؟

قيل أما حظ من ظلم نفسه بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الآية فالاستغفار وأن يتوب إلى الله توبة نصوحا في كل زمان ومكان ولا يشترط في صحة التوبة المجيء الى قبره والاستغفار عنده بالإجماع وأما المجيء إلى قبره والاستغفار عنده والاستشفاع به والاستدلال بالآية على ذلك فهو استدلال على ما لا تدل الآية عليه بوجه من وجوه الدلالات لأنه ليس في الآية الا المجيء إليه صلى الله عليه وسلم لا المجيء إلى قبره واستغفاره لهم لاستشفاعهم به بعد موته فعلم أن ذلك باطل يوضح ذلك أن الصحابة الذين هم أعلم الناس بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما فهموا هذا من الآية فعلم أن ذلك بدعة وأكثر ما استدل به من أجاز ذلك رواية العتبي عن أعرابي مجهول على أن القصة لا نعلم لها اسنادا ومثل هذا لو كان حديثا أو أثرا عن صحابي لم يجز الاحتجاج به ولم يلزمنا حكمه لعدم صحته فكيف يجوز الاحتجاج في هذا بقصة لا تصح عن بدوي لا يعرف.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير