تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال ابن القيم فأخبر سبحانه أن طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم توجب مرافقة المنعم عليهم وهم أهل السعادة الكاملة وهم أربعة أصناف النبيون وهم أفضلهم ثم الصديقون وهم بعدهم في الدرجة ثم الشهداء ثم الصالحون فهؤلاء المنعم عليهم النعمة التامة وهم السعداء الفائزون ولا فلاح لأحد إلا بمرافقتهم والكون معهم ولا سبيل إلى مرافقتهم إلا بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا سبيل اليها إلا بمعرفة سنته وما جاء به فدل على أن من عدم العلم بسنته وما جاء به فليس له إلى مرافقة هؤلاء سبيل بل هو ممن يعض على يديه يوم القيامة ويقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا قلت ما لمن لم يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم في موارد النزاع إلى مرافقة هؤلاء المنعم عليهم سبيل وكيف يكون له سبيل إلى ذلك وعنده أن من حكم الرسول صلى الله عليه وسلم في موارد النزاع فهو إما زنديق أو مبتدع وأنى له بطاعة الله ورسوله وهذا أصل اعتقاده الذي بنى عليه دينه ومع ذلك يحسبون أنهم مهتدون إذا حكموا غير الرسول صلى الله عليه وسلم ونبذوا حكمه وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون.

قال المصنف: وقوله ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها.

قال أبو بكر بن عياش في الآية إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم إلى أهل الأرض وهم في فساد فأصلحهم الله بمحمد صلى الله عليه وسلم فمن دعا الى خلاف ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فهو من المفسدين في الأرض وقال ابن القيم قال أكثر المفسرين لا تفسدوا فيها بالمعاصي والدعاء إلى غير طاعة الله بعد إصلاح الله إياها ببعث الرسل وبيان الشريعة والدعاء الى طاعة الله فإن عبادة غير الله والدعوة الى غيره والشرك به هو أعظم فساد في الأرض بل فساد الأرض في الحقيقة إنما هو بالشرك به ومخالفة أمره فالشرك والدعوة الى غير الله وإقامة معبود غيره ومطاع متبع غير رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أعظم الفساد في الأرض ولا صلاح لها ولا لأهلها إلا أن يكون الله وحده هوالمعبود والدعوة له لا لغيره والطاعة والاتباع لرسوله ليس إلا وغيره إنما تجب طاعته اذا أمر بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا أمر بمعصيته وخلاف شريعته فلا سمع له ولا طاعة ومن تدبر أحوال العالم وجد كل صلاح في الارض فسببه توحيد الله وعبادته وطاعة رسوله وكل شر في العالم وفتنة وبلاء وقحط وتسليط عدو وغير ذلك فسببه مخالفة رسوله والدعوة الى غير الله ورسوله انتهى وبهذا يتبين وجه مطابقة الآية للترجمة لأن من يدعو الى التحاكم إلى غير ما أنزل الله والى الرسول فقد أتى بأعظم الفساد.

قال وقوله واذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا انما نحن مصلحون قال ابو العالية في الآية يعني لا تعصوا في الأرض وكان فسادهم ذلك معصية الله لأن من عصى الله في الأرض أو أمر بمعصية الله فقد أفسد في الأرض لأن صلاح الارض والسماء بالطاعة قلت ومطابقة الآية للترجمة ظاهر لأن من دعا إلى التحاكم الى غير ما أنزل الله فقد أتى بأعظم الفساد وفي الآية دليل على وجوب اطراح الرأي مع السنة وإن ادعى صاحبه أنه مصلح وأن دعوى الإصلاح ليس بعذر في ترك ما أنزل الله والحذر من العجب بالرأي

قال وقوله أفحكم الجاهلية يبغون الآية.

قال ابن كثير ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله تعالى المشتمل على كل خير وعدل الناهي عن كل شر إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات كما يحكم به التتار من السياسات المأخوذة عن جنكز خان الذي وضع لهم كتابا مجموعا من أحكام اقتبسها من شرائع شتى من الملة الاسلامية وغيرها وفيا كثير من الأحكام أخذها عن مجرد نظره فصار في بنيه شرعا يقدمونه على الحكم بالكتاب والسنة ومن فعل ذلك فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير قال تعالى أفحكم الجاهلية يبغون أي يريدون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون أي ومن أعدل من الله في حكمه لمن عقل عن الله شرعه وآمن وأيقن وعلم أنه تعالى أحكم الحاكمين وأرحم بعباده من الوالدة بولدها فإنه تعالى العالم بكل شيء القادر على كل شيء العادل في كل شيء قلت وفي الآية إشارة إلى أن من ابتغى غير حكم الله ورسوله فقد ابتغى حكم الجاهلية كائنا ما كان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير