تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال المصنف: وقال الشعبي كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة فقال اليهودي نتحاكم الى محمد عرف أنه لا يأخذ الرشوة وقال المنافق نتحاكم الى اليهود لعلمه أنهم يأخذون الرشوة فاتفقا على أن يأتيا كاهنا في جهينة فيتحاكما اليه فنزلت ألم تر الى الذين يزعمون الآية.

ش: هذا الأثر رواه ابن جرير وابن المنذر بنحوه.

قوله كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة لم أقف على تسمية هذين الرجلين وقد روى ابن اسحق وابن المنذر وابن أبي حاتم قال كان بين الجلاس بن الصامت قبل توبته ومعتب بن قشير ورافع بن زيد وبشير كانوا يدعون الإسلام فدعاهم رجال من قومهم من المسلمين في خصومة كانت بينهم إلى رسول الله صلى الله عيله وسلم فدعوهم الى الكهان حكام الجاهلية فأنزل الله فيهم ألم تر إلى الذين يزعمون الآية فيحتمل أن يكون المنافق المذكور في قصة الشعبي أحد هؤلاء بل روى الثعلبي عن ابن عباس أن المنافق اسمه بشر.

قوله عرف أنه لا يأخذ الرشوة هي بتثليث الراء قال أبو السعادات وهو الوصلة الى الحاجة بالمصانعة وأصله من الرشاء الذي يتوصل به الى الماء والراشي من يعطي الذي يعينه على الباطل والمرتشي الآخذ قلت فعلى هذا رشوه الحاكم هي ما يعطاه ليحكم بالباطل سواء طلبها أم لا وفيه دليل على شهادة أن محمدا رسول الله لأن أعداءه يعلمون عدله في الأحكام ونزاهته عن قذر الرشوة صلى الله عليه وسلم بخلاف حكام الباطل.

قوله فاتفقا على أن يأتيا كاهنا في جهينة لم أقف على تسمية هذا الكاهن وفي قصة رواها ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في سبب نزول الآية قال فتفاخرت النضير وقريظة فقالت النضير نحن أكرم من قريظة وقالت قريظة نحن أكرم منكم فدخلوا المدينة إلي أبي برزة الكاهن الأسلمي وفي بعض النسخ أبي بردة الأسلمي وذكر القصة وابو برزة هذا غير أبي برزة الصحابي.

قال المصنف: وقيل نزلت في رجلين اختصما فقال أحدهما نترافع الى النبي صلى الله عليه وسلم وقال الآخر الى كعب بن الأشرف ثم ترافعا الى عمر فذكر له أحدهما القصة فقال للذي لم يرض برسول الله صلى الله عليه وسلم أكذلك قال نعم فضربه بالسيف فقتله.

ش: هذه القصة قد رويت من طرق متعددة من أقربها لسياق المصنف ما رواه الثعلبي وذكره البغوي عن ابن عباس في قوله الم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا الآية قال نزلت في رجل من المنافقين يقال له بشر خاصم يهوديا فدعاه اليهودي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف ثم إنهما احتكما للنبي صلى الله عليه وسلم فقضى لليهودي فلم يرض المنافق وقال تعال نتحاكم إلى عمر بن الخطاب فقال اليهودي لعمر قضى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرض بقضائه فقال للمنافق أكذلك قال نعم فقال عمر مكانكما حتى أخرج إليكما فدخل عمر فاشتمل على سيفه ثم خرج فضرب عنق المنافق حتى برد ثم قال هكذا أقضي لمن لم يرض بقضاء الله ورسوله فنزلت.

وروى الحكيم الترمذي في نوادر الأصول هذه القصة عن مكحول وقال في آخرها فأتى جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن عمر قد قتل الرجل وفرق الله بين الحق والباطل على لسان عمر فسمي الفاروق ورواه أبو إسحاق بن دحيم في تفسيره على ما ذكره شيخ الاسلام وابن كثير ورواه ابن أبي حاتم وابن مردوية من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود وذكر القصة وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كنت أظن أن يجتريء عمر على قتل مؤمن فأنزل الله فلا وربك لا يؤمنون الآية فهدر دم ذلك الرجل وبرىء عمر من قتله فكره الله أن يسن ذلك بعد فقال ولو أنا كتبنا عليهم ان اقتلوا أنفسكم إلى قوله واشد تثبيتا.

وبالجملة فهذه القصة مشهورة متداولة بين السلف والخلف تداولا يغني عن الاسناد ولها طرق كثيرة ولا يضرها ضعف إسنادها وكعب بن الاشرف المذكور هنا هو طاغوت من رؤساء اليهود وعلمائهم ذكر ابن اسحاق وغيره أنه كان موادعا للنبي صلى الله عليه وسلم في جملة ممن وادعه من يهود المدينة وكان عربيا من بني طي وكانت امه من بني النضير قالوا فلما قتل أهل بدر شق ذلك عليه وذهب الى مكة ورثاهم لقريش وفضل دين الجاهلية على دين الاسلام حتى انزل الله فيه الم تر الى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء اهدى من الذين آمنوا سبيلا ثم لما رجع الى المدينة أخذ ينشد الاشعار يهجو بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وشبب بنساء المسلمين حتى آذاهم حتى قال النبي صلىالله عليه وسلم من لكعب بن الأشرف فانه قد آذى الله ورسوله وذكر قصة قتله وقتله محمد بن مسلمة وابو نائلة وابو عبس بن جبر وعباد بن بشر رضي الله عنهم وفي القصة من الفوائد أن الدعاء الى تحكيم غير الله ورسوله من صفات المنافقين ولو كان الدعاء الى تحكيم امام فاضل ومعرفة أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم بما كان عليه من العلم والعدل في الاحكام وفيها الغضب لله تعالى والشدة في أمر الله كما فعل عمر رضي الله عنه وفيها أن من طعن في احكام النبي صلى الله عليه وسلم أو في شيء من دينه قتل كهذا المنافق بل أولى وفيها جواز تغيير المنكر باليد وإن لم يأذن فيه الإمام وكذلك تعزير من فعل شيئا من المنكرات التي يستحق عليها التعزير لكن إذا كان الإمام لا يرضى بذلك وربما أدى إلى وقوع فرقة أو فتنة فيشترط إذنه في التعزيز فقط وفيها أن معرفة الحق لا تكفي عن العمل والانقياد فإن اليهود يعلمون أن محمدا رسول الله ويتحاكمون إليه في كثير من الامور.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير