ـ السبب هو أن القلب المحصن من الشيطان، تسهل عليه إرادة فعل الخيرات لأنه قلب صحيح قوي، والقلب الذي يمكن الشيطان أن يدخله فيتجول فيه كما يشاء، يتوصل الشيطان بسهولة أن يجعل فيه إرادة السيئات، بعدما يزينها له، لأنه قلب مريض مليء بالجراثيم الشيطانية.
ـ ومن الناس من لا يدخل الشيطان قلبه إلا مرورا سريعا، لقوة التحصينات حوله، فهذا مثل الذين يفعلون الصغائر أحيانا وسرعان ما يتوبون منها، وهم الذين قال الله تعالى عنهم (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ)، ومن الناس من لا يقترب الشيطان من قلبه أبدا، لأن قلبه مثل السماء المحروسة بالشهب من الشياطين، فقلبه كذلك محروس من الشيطان، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا القلب (أبيض مثل الصفا لا تضره فتنة مادامت السماوات والأرض) رواه مسلم من حديث حذيفة رضي الله عنه، ومن الناس من دخل الشيطان قلبه، فاتخذ فيه بيتا، وجعل له فيه عشا يبيض فيه ويفرخ، فاستحوذ عليه، يأمر القلب بالشهوات المحرمة، فيريدها قلبه، فيأمر الجوارح بفعلها فتفعله، لأن الشيطان وجده قلبا خاليا عن التحصينات، مفتح الأبواب، ضعيفا مريضا بفعل السيئات، ولهذا قال الله تعالى عن هذا النوع (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ)، لأن ذكر الله تعالى هو الحصن من الشيطان، فأنساهم إياه ليستحوذ على قلوبهم فيقودها لتنقاد جوارحهم له تبعا.
ـ والقلب لا يحصن من الشيطان إلا بذكر الله تعالى ولا يقوى على إرادة الخير إلا بالعمل الصالح، ولا يغلبه الشيطان إلا إن كان غافلا عن ذكر الله تعالى، ضعيفا بسبب فعل السيئات والمنكرات.
ـ والآن بعد أن عرفت السبب في أن قلبك لا يطاوعك على إرادة العمل الصالح، وترك السيئات، ولا يمكنه أن يثبت على الاستقامة، فالعلاج يكمن في هذه الوصفة الطبية، خذها وداوم عليها فنتائجها مضمونة بإذن الله إن ثابرت عليها بصدق:
1ـ احرص على إقامة الصلوات الخمس في جماعة لاسيما صلاة الفجر فإياك أن تفوتك أبدا، قال الله تعالى (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً) أي صلاة الفجر تشهدها الملائكة.
2ـ بعد صلاة الفجر امكث في المسجد لقراءة القرآن إلى طلوع الشمس، ثم صل ركعتين بعد ارتفاعها قيد رمح (وقيد الرمح: مقدار عشرة دقائق من أول الشروق).
3ـ قل (سبحان الله وبحمده) مائة مرة كل يوم في أي وقت في المسجد أو البيت، ماشيا، أو قاعدا، أو في السيارة .. الخ، وهذا الذكر يحت الخطايا حتا.
4ـ استغفر الله تعالى مائة مرة كل يوم، قائلا (أستغفر الله وأتوب إليه) كذلك في أي وقت شئت، وعلى أي حال تكون.
5ـ قل هذا الذكر مائة مرة (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) مائة مرة كل يوم كذلك في أي وقت شئت، وعلى حال تكون، ولا يشترط في المسجد، وهذه الأذكار كان يداوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم فهي حياة القلب وغذاؤه الذي لا يستغني عنه.
6ـ بين صلاتي المغرب والعشاء رابط في المسجد فلا تخرج منه واقرأ ما تيسر من القرآن بالتدبر.
7ـ يجب عليك الحمية التامة من النظر إلى التلفزيون، أو المجلات، أو الذهاب إلى أي مكان في منكرات، فأنت في حجر صحي لكي ترجع إلى قلبك عافيته، ولن ينفعك الدواء وهي الحسنات، إن كنت تدخل عليه الداء في أثناء فترة العلاج، والداء هو السيئات.
8 ـ استمر على هذا البرنامج شهرا كاملا على الأقل، تعيش فيه مع القرآن تقرؤه بالتدبر، وتعمل بما فيه، وتخلو بنفسك لذكر الله تعالى الساعات الطوال، والدليل على الشهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بذلك قال (اقرأ القرآن في شهر، اقرأه في خمس وعشرين، اقرأه في عشر، أقرأه في سبع) متفق عليه من حديث ابن عمر.
9ـ إن كانت البيئة التي تعيش فيها لا تساعدك على تطبيق هذا البرنامج فغير بيئتك، اترك أصحاب السوء، وابتعد عن الأماكن التي تقضي فيها أوقات فراغك إن كانت تشجع على المعاصي، ولو استطعت أن تسافر إلى مكة مثلا لتطبق هذا البرنامج فافعل.
¥