صلى الله عليه وسلم - " هذا خير من ملء الأرض مثل هذا "
ويوم القيامة سوف تتغير الموازين والنظرات كما قال - عز وجل - عن يوم القيامة: " خافضة رافعة " الواقعة 3
* قال ابن كثير - رحمه الله -: " أي تخفض أقواما إلى أسفل سافلين إلى الجحيم، وإن كانوا في الدنيا أعزاء، وترفع اّخرين إلى أعلى عليين، إلى النعيم المقيم، وإن كانوا في الدنيا وضعاء "
وفي الصحيحين عن حارثة بن وهب - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " ألا أخبركم بأهل الجنة: كل ضعيف متضعف، لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار: كل عتل جواظ مستكبر "
* قال النووي - رحمه الله: " العتل: بضم العين والتاء فهو الجافي الشديد الخصومة بالباطل وقيل الجافي الفظ الغليظ وأما الجواظ بفتح الجيم وتشديد الواو وبالظاء المعجمة فهو الجموع المنوع وقيل كثير اللحم المختال في مشيته وقيل القصير البطين وقيل الفاخر .... " شرح النووي على صحيح مسلم - كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها - باب جهنم أعاذنا الله منها ج 17 ص 187 - 188 طبعة الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية - القاهرة
فهذه بعض الأدلة التي تثبت أن الإسلام قد ساوى بين البشر جميعا في أصل البشرية، وبهذا فعدم التفرقة بين المواطنين على أساس الجنس أو اللون أمر صحيح، يوافق فيه مبدأ المواطنة الشرع الشريف، أما في الأمور الدينية فلم يسو الإسلام بينهم وهذا هو العدل بعينه.
كيف يسوي بين من يعبد الله - جل في علاه - وبين من يعبد وثنا أو بقرة؟؟!!
كيف يسوي بين من ينزه الله - عز وجل - عن صفات النقص وبين من يصفه بصفات النقص كاليهود الذين يصفون الله بالبخل والفقر والجهل وكالنصارى الذين يثبتون لله الصاحبة والولد؟؟!!
كيف يسوي بين الرجل العالم الفقيه وبين المرأة الداعرة؟؟!!
كيف يسوي بين حامل القراّن الكريم وبين مدمن الخمور والمخدرات؟؟!!
إن مبدأ المواطنة يقتضي المساواة بين هؤلاء يقتضي المساواة بين من يعبد الرب الأعلى وبين من يلحد وجود الله - تبارك وتعالى - وبين من يعبد الحجر والشجر هذه هي المواطنة فهل أقرها القراّن الكريم؟؟!
قال - عز وجل -: " أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين اّمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون " الجاثية 21
وقال - تعالى: " " أم نجعل الذين اّمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار "
وقال - تعالى -: " أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون " السجدة 18
وقال - تعالى - " أفنجعل المسلمين كالمجرمين * مالكم كيف تحكمون " القلم 35 - 36
وقال - تعالى -: " لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون " الحشر 20
وقال - تعالى -: " لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما " النساء 95
وغير ذلك من الاّيات الكثيرة التي تثبت عدم المساواة بين المؤمن والكافر والبر والفاجر، ولذلك فإن مبدأ المواطنة هذا يعد إنكارا لأمر معلوم من الدين بضرورة كما تبين لأي منصف من خلال هذه الاّيات وغيرها، ولذلك فإن من قال إن الإسلام لم يفرق بين المسلم والكافر فإنه تقام عليه الحجة بالاّيات، وتزال عنه الشبهات، فإن أصر فهو مكذب لهذ الاّيات ومن كذب القراّن الكريم كفر بالإجماع.
تنبيه هام:
يقوم بعض الناس أحيانا بالخلط بين العدل مع أهل الذمة وعدم ظلمهم وبين أمر المساواة بينهم وبين المسلمين، وهذا في الحقيقة إما جهل شديد أو تدليس وتلبيس من صاحبه، فالعدل لا يعني المساواة إطلاقا، فمثلا رواتب الموظفين لا بد أن يكون تقسيمها بالعدل وليس بالمساواة، بمعنى أن تقسم الرواتب بطريقة عادلة وبنسب صحيحة، أما المساواة فتعني أن يكون راتب رئيس مجلس الإدارة مثل راتب الحارس أو الساعي فهل هذا عدل؟؟!!
ومثال اّخر وهو المواريث فإن القسمة فيها ليست بالمساواة لكنها بالعدل ومن قال إن المواريث ليس فيها عدل فقد نسب الظلم إلى الله ومن نسب الظلم إلى الله - عز وجل - كفر إجماعا.
¥