أما المسلمون فبناء المساجد من أعظم القربات إلى الله - عز وجل - ففي الصحيحين من حديث عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يقول: " من بنى مسجدا - قال بكير: حسبت أنه قال: يبتغي به وجه الله - بنى الله له مثله في الجنة "
وفي سنن ابن ماجة - رحمه الله - بسند صححه الألباني - رحمه الله - من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " من بنى مسجدا لله كمفحص قطاة أو أصغر بنى الله له بيتا في الجنة "
القطاة: طائر يشبه الحمامة، والمفحص: الموضع الذي تخيم فيه وتبيض فيه.
أما الكفار فإن بناء أماكن العبادة لهم من الكفر؛ لأن هذه الأماكن يعبد فيها الشيطان والطواغيت ويكفر فيها بالله - عز وجل - فما حكم بناء الكنائس والبيع داخل الدولة الإسلامية؟
تنقسم البلاد الإسلامية - كما قال ابن القيم - إلى ثلاثة أقسام:
أولا- بلاد أنشأها المسلمون في الإسلام مثل البصرة والكوفة وغيرهما: فهذه البلاد لا يجوز فيها بناء كنيسة بالاتفاق كما قال ابن القيم - رحمه الله -، وأما الكنائس التي بنيت في هذه البلاد فإنه يجب هدمها بالاتفاق كما ذكر ابن القيم أيضا، وهذه بعض النصوص في هذه المسألة:
1 - قال الإمام أحمد: حدثنا حماد بن خالد الخياط، أخبرنا الليث بن سعد عن توبة بن النمر الحضرمي قاضي مصر عمن أخبره قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا خصاء في الإسلام و لا كنيسة " ولكن الحديث سنده ضعيف كما ذكر الحافظ ابن حجر في الدراية في تخريج أحاديث الهداية، وقد روي بإسناد اّخر أصح من هذا الإسناد ولكن موقوفا على عمر - رضي الله عنه -، قال علي بن عبد العزيز: حدثنا أبو القاسم، حدثني أبو الأسود عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير مرثد بن عبد الله اليزني قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " لا كنيسة في الإسلام و لا خصاء "
2 - وقال الإمام أحمد حدثنا معتمر بن سليمان التيمي عن أبيه عن حنش عن عكرمة قال: سئل ابن عباس عن أمصار العرب أو دار العرب هل للعجم أن يحدثوا فيها شيئا، فقال: أيما مصر مصرته العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه، و لا يضربوا فيه ناقوسا، و لا يشربوا فيه خمرا، و لا يتخذوا فيه خنزيرا.
وأيما مصر مصرته العجم ففتحه الله عز وجل على العرب فنزلوا فيه فإن للعجم ما في عهدهم، وعلى العرب أن يوفوا بعهدهم، و لا يكلفوهم فوق طاقتهم. أحكام أهل الذمة لابن القيم ج2 ص459 طبعة دار الحديث
3 - وقيل لأبي عبد الله (أي الإمام أحمد) (إيش) الحجة في أن يمنع أهل الذمة أن يبنوا بيعة أو كنيسة إذا كانت الأرض ملكهم، وهم يؤدون الجزية، وقد منعنا من ظلمهم وأذاهم، قال: حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: أيما مصر مصرته العرب. المصدر السابق
4 - و قال في حاشية ابن عابدين (ج6 ص248 طبعة إحياء التراث):
(مطلب في بيان أن الأمصار ثلاثة وبيان إحداث الكنائس فيها تنبيه في "الفتح" قيل الأمصار ثلاثة ما مصره المسلمون كالكوفة والبصرة وبغداد وواسط ولا يجوز فيه إحداث ذلك إجماعاً ......... "
5 - فتوى للجنة الدائمة بالسعودية:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. وبعد .. فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من عدد من المستفتين المقيدة استفتاءاتهم في الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم -86 - وتاريخ 5/ 1/1421هـ، ورقم -136 - 1327 - 1328 - وتاريخ 2/ 3/1421هـ، بشأن حكم بناء المعابد الكفرية في جزيرة العرب مثل بناء الكنائس للنصارى، والمعابد لليهود، وغيرهم من الكفرة، أو أن يخصص صاحب شركة أو مؤسسة مكاناً للعمالة الكافرة لديه يؤدون فيه عباداتهم الكفرية .. إلخ.
وبعد دراسة اللجنة لهذه الاستفتاءات أجابت بما يلي:
¥