تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فاعلم أخي المسلم أنَّ النميمة من كبائر الذنوب، وهي محرمة بالكتاب والسنة والإجماع قال تعالى: ((وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ)). [القلم: 10 - 11] وهي من أسباب عذاب القبر وعذاب النار، فقد قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل الجنَّة نمام)) (2)، وروى ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: ((إنَّهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، بلى إنَّه كبير: أما أحدهما، فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله)) (3).

والنميمة أذىً للمؤمنين والمؤمنات، وقد حرم الإسلام الأذى بشتى أنواعه، ومنه النميمة. والنمام ذو وجهين؛ لأنه يظهر لكل من الفريقين غير الوجه الذي يظهر به للطرف الآخر، وصاحب الوجهين شر الناس يوم القيامة، وقد قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((تجدون الناس معادن، خيارهم في الجاهلية، خيارهم في الإسلام، إذا فقهوا، وتجدون خير الناس في هذا الشأن، أشدهم كراهية له، وتجدون شر الناس، ذا الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه)) (4).

وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن النمام لا يدخل الجنة وأنه يعذب في قبره وقال: ((أَلا أُنبئكم ما العَضْهُ (5)؟ هيَ النَمِيمَةُ القالةُ بين الناس)) (6) وكلُ من حُمِلَتْ إليه النميمةُ يجب عليه ستة أمور الأول: أن لا يُصدِّق النمامَ؛ لأنه فاسق. والثاني: أن ينهاه عن ذلك وينصح له ويقبح له فعله، والثالث: أنْ يبغضه في الله، والرابع: أنْ لا تظن بأخيك الغائب السوء، والخامس: أنْ لا يحملك ما حُكي على التجسس، السادس: أنْ لا ترضى لنفسك ما نَهيتَ النمام عنه ولا تحكي نميمته.

فاحذر أخي المسلم من النميمة فإنَّها من أمراض النفوس، وهي داء خبيث يسري على الألسن فيهدم الأسر، ويفرق الأحبة ويقطع الأرحام.

قال الإمام الشافعي: ((إذا أراد الكلام فعليه أن يفكر قبل كلامه، فإن ظهرت المصلحة تكلم، وإن شك لم يتكلم حتى يظهر)).

وينبغي على المسلم أنْ يسكت عن كل ما رآه الإنسان من أحوال الناس مما يكره إلا ما في حكايته فائدة لمسلم أو دفع معصية.

ثم اعلم أخي المسلم أنَّ البهتان على البريء من أثقل الذنوب، وويل لمن سعى بوشاية بريءٍ عند صاحب سلطان ونحوه فصدقه، فربما جنى على بريءٍ بأمر يسوءه، وهو منه براء.

وقد حرم الله عز وجل المشي بالنميمة لما فيها من إيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين ورخص في الكذب في الإصلاح بين الناس، ورغب في الإصلاح بين المسلمين قال تعالى: ((فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ)) [الأنفال: 1]. وقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة)) (7).

وقد قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أيضاً: ((ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، ويقول خيراً وينمي خيراً)) (8).

أخي المسلم: اعلم أنَّ مَن نَمَّ إليك نَمَّ عليك، والنمام ينبغي أنْ يُنصَحَ ويُرشَدَ، وإلا فَيُترك ويُبغَض ولا يُوثَق بقوله ولا بصداقته، وكيف لا يبغض وهو لا ينفك عن الكذب والغيبة والغدر والخيانة والغل والحسد والنفاق والإفساد بين الناس والخديعة.

.............................. .

(1) أخرجه: البخاري 8/ 20 (6054)، ومسلم 8/ 21 (2591) (73) من حديث عائشة رضي الله عنها.

(2) أخرجه: البخاري 8/ 21 (6056)، ومسلم 1/ 70 (105) (167) من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، ولفظ البخاري: ((لا يدخل الجنَّة قتات)).

(3) أخرجه: البخاري 1/ 65 (218)، ومسلم 1/ 165 (292) (111).

(4) أخرجه: البخاري 4/ 216 (3493) ومسلم 7/ 181 (2526) و 8/ 28 (2526) (100) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(5) العَضْهُ: كثرة القول وإيقاع الخصومة بين الناس بما يحكي البعض عن البعض. لسان العرب (قول)

(6) أخرجه: مسلم 8/ 28 (2606) (102) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير