ورغم أن العلويين يعدون فرقة متفرعة من الشيعة، والذين يعرفون أيضاً بالنصيريين، نسبة إلى المجدد في فكر الطائفة أبو شعيب محمد بن نصير، الذي عاش في القرن الثالث الهجري، فإنهم يتمايزون عن الشيعة الإمامية، ولا ينطبق عليهم وصف "الشيعة".
ويبدو أن قلة عدد الطائفة الشيعية في سورية، أسهم في ألا يمثلوا عصبية متميزة، مثل دول أخرى في المنطقة. كما أن انتماء النظام الحاكم في سورية، منذ ما يزيد على ثلاثين عاماً، إلى الفرقة العلوية، القريبة إلى الطائفة الشيعية، جعل الشيعة الإمامية تعيش في ظل العلوية وفي كنفها.
هذا فضلاً عن عامل آخر لا يقل أهمية، وهو أن النظام لا يتسامح إزاء إدماج الدين في السياسة (وتجربة الإخوان المسلمين في سورية أوضح دليل على ذلك)، ولذا فإن الشيعة كطائفة نأت بنفسها عن السياسة، وظلت في إطار التدين المحافظ، الذي يرضى عنه النظام. وفي الواقع، فإن الحقوق الدينية للشيعة الإمامية محترمة، ورغم الأيديولوجية العلمانية للنظام، إلا أنه حريص على ضمان ولاء المؤسسات الدينية المتعددة له، "للتعويض عن هشاشة مساندته الشعبية"، بحسب رأي المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات.
الوضع الديمغرافي/ الديني
ليس من السهل الاستناد إلى إحصائيات دقيقة عن أعداد المجموعات الدينية في سورية، بسبب حساسية السلطة تجاه مثل هذه البيانات، إلا أن تقرير "الحرية الدينية في العالم" لعام 2006، الذي يصدر عن وزارة الخارجية الأمريكية، يذكر أن العلويين والإسماعيليين والشيعة يشكلون ما نسبته 13 في المائة من عدد سكان سورية، أي قرابة 2.2 مليون من إجمالي عدد السكان، الذي يبلغ 18 مليون نسمة.
أما التقرير الصادر عن مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية بالقاهرة عام 2005، بعنوان "الملل والنحل والأعراق"، فيشير إلى أن الشيعة يمثلون (1) في المائة من عدد السكان، في حين يشكل العلويون من 8 إلى 9 في المائة. بينما تشير المصادر الشيعية على شبكة الإنترنت إلى أن شيعة سورية يمثلون نحو 2 في المائة من إجمالي السكان. كما ان مصادر المعارضة السورية في الخارج تؤكد أن العلويين لا تتجاوز نسبتهم ال 6 في المائة.
وبالإضافة إلى الشيعة المواطنين العرب، تعيش على الأراضي السورية جالية إيرانية (شيعية) تتركز في دمشق. كما يوجد عدد كبير من الشيعة العراقيين الذين أخذوا بالتوافد إلى البلد منذ السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، هرباً من بطش النظام العراقي السابق. وقد زاد عدد هؤلاء بعد غزو العراق عام 2003، نتيجة لانعدام الاستقرار والأمن والتناحر الطائفي في بلدهم.
وتشير الأرقام الرسمية إلى وجود 1.2 مليون لاجئ عراقي (من جميع الطوائف والإثنيات) في الأراضي السورية. بينما تشير تقديرات مفوضية الأمم المتحدة للاجئين أن عدد العراقيين يبلغ حوالي 800 ألف عراقي. ويتركز الشيعة العراقيون في منطقة السيدة زينب، التي تقع جنوبي العاصمة السورية دمشق.
ويقطن شيعة سورية بعض أحياء العاصمة دمشق، وبعض قرى وبلدات حمص وحلب. ومن أبرز الأحياء الدمشقية التي يتركز فيها الشيعة "حي الأمين" (وسمي بهذا الاسم نسبة إلى العلامة السيد محسن الأمين الحسيني العاملي، المتوفى عام 1371 هـ، والمدفون في جوار الحضرة الزينبية، لمكانته العلمية المرموقة). ويوجد في هذا الحي مسجد الإمام علي بن أبي طالب، ومسجد الزهراء، والمدرسة المحسنية.
ويوجد في سورية أحد مزارات الشيعة الرئيسية، وهو مرقد السيدة زينب، الذي يزوره الكثير من شيعة الخليج والعراق وإيران، وحوله الكثير من الحسينيات والحوزات العلمية. أما مقام السيدة رقية بنت الإمام الحسين، الذي يقع بالقرب من الجامع الأموي، فهو ثاني مزار بعد السيدة زينب أهمية. ومن المزارات الشيعية الأخرى، مقاما السيدتين سكينة وأم كلثوم ابنتي الحسين.
والشيعة في سورية لا يتبعون مرجع تقليد واحداً، فهم يتوزعون بين تقليد آية الله العظمى علي السيستاني في النجف، وآية الله العظمى علي خامنئي المرشد الأعلى في إيران، والمرجع السيد محمد حسين فضل الله في لبنان.
الواقع السياسي/ الاجتماعي
¥