بصورة عامة، لا يوجد تمييز مجتمعي ضد الشيعة، فهم مندمجون في المجتمع، وبينهم وبين الطوائف المسلمة الأخرى مصاهرة وتزاوج. ومعظم الشيعة في سورية هم من أصول عربية، ومن العائلات الشيعية المعروفة نظام ومرتضى وبيضون والروماني.
وهناك أفراد من عائلات شيعية تقلدوا مناصب عليا في الدولة، مثل وزير الإعلام السابق مهدي دخل الله. كما أن صائب نحاس، رجل الأعمال السوري البارز، هو من عائلة شيعية. وفيما يتعلق في الواقع السياسي، فالحكم في سورية قائم على نظام الحزب الواحد، لذا يحظر القانون إقامة الأحزاب السياسية التي لا تنتمي إلى اللون الأيديولوجي نفسه لحزب الدولة. ونظراً إلى أن النظام يشدد على الفصل بين الدين والسياسة، فإن الشيعة ليس لهم تشكيلات سياسية خاصة بهم.
التشيع: حقيقة أم مبالغة؟ من القضايا التي خلقت جدلاً واسعاً في الساحة السورية في الآونة الأخيرة، ما أثاره الداعية السعودي الشيخ سلمان العودة (المشرف العام على "مؤسسة الإسلام اليوم" السعودية)، في 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2006، عن "انتشار كبير للمد الشيعي في بلاد الشام، وسورية على وجه الخصوص."
وجاءت تصريحات العودة بعد قيام مؤسسات إيرانية ببناء مرقدي الصحابي عمار بن ياسر، والتابعي ويس القرني في محافظة الرقة (شمال شرقي دمشق)، وافتتاح مكتب ثقافي إيراني فيها أيضاً.
إلا أن رموزاً دينية شيعية وسنية ردوا على تصريحات العودة، واعتبروها تنطوي على "مبالغة،" وأوضحوا أنه إذا كان هناك من تشيع، فهو لا يعدو حالات فردية.، و تتهم شخصيات سورية المستشارية الثقافية الإيرانية في دمشق بأن دورها لا ينحصر فقط في النشاطات الثقافية المتعارف عليها، بل إنها ترعى عملية التشيع في سورية، ولاسيما أن المستشاريات الثقافية الإيرانية تتبع في الحقيقة سلطة مكتب المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في طهران، مع أنها ملحقة اسمياً بالسفارات الإيرانية. فالدكتور وهبة الزحيلي، الفقيه والمفكر الإسلامي المعروف، أشار إلى أن المستشارية تستخدم "الإغراءات المادية، من مال وبيوت وسيارات، من أجل جلب الناس إلى اعتناق التشيع"، وأن "مئات من السوريين في دير الزور والرقة ودرعا وغوطة دمشق، قد استجابوا فعلاً لإغراءات المستشارية الإيرانية وتشيعوا"، بحسب تقرير صحفي نشر بتاريخ 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2006، على موقع "أخبار الشرق"، التابع لمركز الشرق العربي بلندن.
كما و صرح مراقب الإخوان المسلمين في سورية، علي صدر الدين البيانوني، لوكالة "قدس برس"، قائلاً إن "كل ما يجري من حركة تشييع في سورية هو ( ... ) محاولة لإثارة البلبلة من أجل تغيير تركيبة المجتمع السوري."
كما أن نائب الرئيس السوري "المنشق"، عبد الحليم خدام، في تصريحات صحفية، وعبر البيانات الصادرة عن جبهة الخلاص الوطني (المعارضة للنظام السوري)، انتقد السفير الإيراني في دمشق، واتهمه بممارسة نشاطات تشييع في سورية. وقال خدام في مقابلة مع "يونايتد برس إنترناشيونال" إن السفير الإيراني "يستغل حالة الفقر الموجودة في البلاد، ويأتي إلى منطقة ويقول إن الصحابي فلان ابن فلان مر بها، ويجب أن نبني فيها مقاماً، فيبني مقاماً وحوزة، ويوزع أموالاً على بعض الفقراء. وهو عمل يريد من ورائه بناء حزب إيراني في سورية، عبر ما يمكن أن تسمى عملية التشييع."
بل إن "هاجس التشيع" أثاره مثقفون سوريون مع نائب وزير الخارجية الإيراني، منوشهر محمدي، خلال جلسات حوارية جرت في دمشق.
ويذكر المراقبون أن العلاقات الوثيقة التي تربط سورية بإيران، والتحالف الاستراتيجي بين البلدين منذ العام 1980، أتاح لإيران أن تنشط في الساحة السورية. فالاحتفالات واللقاءات التي تنظمها المستشارية في دمشق، بالمناسبات الوطنية (مثل الاحتفال السنوي بانتصار الثورة الإسلامية في إيران)، والدينية (مثل الاحتفال بذكرى استشهاد الحسين بعاشوراء)، يحضرها مسؤولون سوريون وإيرانيون على مستوى عالٍ.
وعند الحديث عن العلاقات السورية - الإيرانية، وصلتها بالموضوع الشيعي في سورية، لا يمكن إغفال عنصر "حزب الله" (اللبناني الشيعي)، الذي يرتبط بإيران عقائدياً واستراتيجياً. فخلال هيمنة سورية على لبنان، قدمت الرعاية للحزب، ووفرت له الدعم السياسي والعسكري والأمني. وفي المقابل، فإن الحزب شكَّل حليفاً رئيسياً لها، وبالتالي كان لابد من أن ينعكس هذا على وضع الشيعة في سورية نفسها.
كما أن الصورة الشعبية للحزب، الناتجة عن دوره في "مقاومة" إسرائيل، أوجدت في الشارع السوري تعاطفاً مع الشيعة بشكل عام. وقد أشارت تقارير صحفية خلال الحرب البنانية - الإسرائيلية في الصيف الماضي (حرب الثلاثة والثلاثين يوماً)، إلى تحول عدد من طائفة السنة إلى المذهب الشيعي في سورية، نتيجة للتأثر، بما يسمى "إنجازات" حزب الله، و"انتصاره" في الحرب، والإعجاب بشخصية حسن نصر الله، زعيم حزب الله.
إلا أن مثل هذا التشيع لحظي، وهو أقرب إلى الانفعال العاطفي، أكثر منه تحولاً مذهبياً مستنداً إلى اقتناع حقيقي وراسخ.
أبرز الشخصيات الشيعية العامة
من أهم رموز الشيعة في سورية، زعيم الطائفة الجعفرية في سورية آية الله السيد علي السيد حسين مكي؛ والعلامة السيد عبد الله نظام، الذي يعد من أبرز علماء الشيعة في الشام؛ والشيخ نبيل الحلباوي، إمام مسجد مقام السيدة رقية.
¥