وكذلك " آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم " لهم من الحقوق ما يجب رعايتها فإن الله جعل لهم حقا في الخمس والفيء وأمر بالصلاة عليهم مع الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لنا: {قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد}، وآل محمد هم الذين حرمت عليهم الصدقة هكذا قال الشافعي وأحمد بن حنبل؛ وغيرهما من العلماء - رحمهم الله - فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد}، وهم آل علي وآل العباس، وآل جعفر، وآل عقيل.
وقد قال الله تعالى في كتابه: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}، وفي المسانيد والسنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للعباس - لما شكا إليه جفوة قوم لهم قال: (والذي نفسي بيده لا يدخلون الجنة حتى يحبوكم من أجلي)، وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إن الله اصطفى بني إسماعيل؛ واصطفى بني كنانة من بني إسماعيل؛ واصطفى قريشا من كنانة واصطفى بني هاشم من قريش؛ واصطفاني من بني هاشم}، وأفضل أهل بيته علي رضي الله عنه، الذي هو من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة هارون من موسى عليهما السلام، وفاطمة سيدة نساء هذه الأمة، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، فرضي الله عن عترته الطاهرة، وثبتنا على حبهم، والبراءة ممن يبغضهم.
ومعلوم أن الطعن في الصحابة الكرام، هو اتهام لرسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه بالفشل في رسالته، وأنه لم يقدر أن يؤسس له اتباعا مخلصين، فأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، الذين هم خاصة أتباعه الذين لا يفارقونه حضرا ولا سفرا، وأصهاره، ووزراءه، هم نتيجة تربيته، والنماذج الشاهدة على اتصافه بالكمال في مؤهلات القيادة، فإذا طعنا فيهم فإن هذا يعني أننا نضرب مثالا لأكبر فشل في التاريخ، لأن هذا يعني، أن أكمل البشر في مؤهلاته، فشل في صناعة الرجال، وهي أعلى وأشرف وأنفع صناعة.
وهذا كما قال الشاعر: ولم أر في عيوب الناس عيبا ** كنقص القادرين على التمام
وبما أن الله تعالى اختار لمحمد صلى الله عليه وسلم وأمته، دينا فضله الله تعالى على كل الأديان، فهذا يعني أن أمته خير الأمم، وحينئذ فالواجب أن يكون أوائلهم وأصحاب نبيهم أفضل من غيرهم، كما هي العادة المضطردة، فإن الرواد في كل أمة، هم أكملها وأفضلها وأسبقها فيما اجتمعت عليه الأمم، ولهذا تعرف كل الأمم فضل روادها، وسابقيهم وتعظمهم، وتذكرهم بالخير.
والطعن في الصحابة، يقتضي ضد ذلك، كما يقتضي أن دين الإسلام كان أسوأ الأديان حظا من التوفيق الإلهي، لأن الطاعن فيهم يزعم أنه لم يحمل هذا الدين، بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا الخونة، ولم ينشره في الأرض إلا أهل النفاق والريب فيه، وأن القرآن الذي هو أعظم الكتب، آله أمره أنه أصبح بيد أشد الناس خيانة في التاريخ، الذين خانوا أعظم رجل في التاريخ، سبحانك الله هذا بهتان عظيم؟؟!!
فتأمل ما الذي يؤدي إليه الطعن في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، من الشناعات التي لا يقرها شرع ولا عقل، والطعن في الصحابة نفاق، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يحب الأنصار إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق, فمن أحب الأنصار أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله))، وفي صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم قد أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه))، و الطعن في الصحابة عموماً طعن في القرآن وتكذيب للآيات من سورة الحشر فقد أثنى الله عز وجل علي المهاجرين من أصحاب نبيه بقوله (للفقراء والمهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون).
وأثنى الله تعالى عن الأنصار من أصحاب نبيه بقوله: (والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون)، الدار والإيمان اسمان من أسماء المدينة المباركة.
والواجب أن يعاقب الطاعن فيهم العقوبة الشرعية الرادعة التي تجعله عبرة لغيره.
أما الذي يكفرهم جملة، أو يكفرهم بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة أو أربعة أو سبعة، فهذا مرتد يقام عليه حد الردة، كأمثاله من المرتدين والله أعلم
والله أعلم.
المصدر ( http://h-alali.info/f_open.php?id=47f7ff20-dc27-1029-a62a-0010dc91cf69)
¥