[هل وافق الشوكاني الشيعة في الوصية بالخلافة لعلي - رضي الله عنه -؟ (مبحث)]
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[23 - 04 - 07, 02:33 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
للشوكاني – رحمه الله – رسالة بعنوان (العقد الثمين في إثبات وصاية أمير المؤمنين)، يُفهم منها أنه يذهب مذهب الشيعة والزيدية في إثبات وصية النبي صلى الله عليه وسلم (بالخلافة) لعلي – رضي الله عنه -، وقد أشكل هذا على البعض بسبب تعارض مافي الرسالة المذكورة مع أقوال الشوكاني في كتبه الأخرى، التي جاءت موافقة لعقيدة أهل السنة.
وقد رأيت الباحث الأخ خالد الدبيان – حفظه الله - قد حل هذا الإشكال في رسالته الجامعية التي لم تُطبع حسب علمي: " قضايا العقيدة عند الإمام الشوكاني "، رغم مناقشتها عام 1412هـ، فأحببت نقل ذلك فيما يلي:
قال – وفقه الله -: " إن الحديث عن موقف الشوكاني لا ينفصل عن تحديد منهجه، وذلك كما بين سابقاً أن الإمام الشوكاني قد عاش في بيته ساد الفكر الزيدي عليها (1)، والعالِمُ فرد من أفراد المجتمع يؤثر فيه كما أنه يتأثر به.
ولهذا نجد أن الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى، لم يغفل هذه المسألة التي طال فيها النزاع، فقد صنف رسالة في ذلك أسماها (العقد الثمين في إثبات وصاية أمير المؤمنين) (2).
ففي هذه الرسالة عالج الإمام الشوكاني قضية إثبات وصية الرسول صلى الله عليه وسلم، لعلي بن أبي طالب، وقسم الرسالة إلى مبحثين:
المبحث الأول: إثبات مطلق الوصية منه صلى الله عليه وسلم، وذكر لذلك عدة أمثلة؛كقوله صلى الله عليه وسلم: (الصلاة وما ملكت أيمانكم) و (أن لا يجتمع في جزيرة العرب دينان) ... الخ (3).
المبحث الثاني: إثبات تقييد الوصية لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وذكر الأحاديث التي تفيد أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وصي للرسول صلى الله عليه وسلم، مثال: (وصي ووارثي ومنجز موعدي علي بن أبي طالب) و (لكل نبي وصي ووارث وأن علياً وصي ووارثي) و (هذا أخي ووصي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا) ... الخ (4). وهذا المبحث هو مجال حديثنا.
وقال الشوكاني رحمه الله تعالى: (والواجب علينا الإيمان بأنه – أي عليا - عليه السلام وصي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يلزمنا التعرض للتفاصيل الموصى بها، فقد ثبت أنه أمره بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين وعين له علاماتهم وأودعه جملاً من العلوم وأمره بأمور خاصة كما سلف، فجعل الموصى بها فرداً منها ليس من دأب المنصفين).
فالشوكاني رحمه الله تعالى، يثبت أن علياً رضي الله تعالى عنه وصي للرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنه يرى أن هذه الوصية يجب ألا تخصص في شيء من الأشياء، فهي تشمل كل ما أوصى به صلى الله عليه وسلم، لعلي بن أبي طالب. مع أنه رحمه الله تعالى أورد في رسالته من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم، لعلي بن أبي طالب قوله: (هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا) وأيضاً: (ألا أرضيك يا علي؟ أنت أخي ووزيري تقضي ديني وتنجز موعدي وتبرئ ذمتي) (5) فعلي رضي الله عنه على رأي الإمام الشوكاني أنه منجز الوعد، وقاضي الدين، ووارثه، ووزيره، وخليفته في الصحابة من بعده صلى الله عليه وسلم.
ويؤيد هذا ما ختم به رسالته (العقد الثمين) بقوله: "اعلم أن جماعة من المبغضين للشيعة عدوا أن علياً عليه السلام وصي لرسول الله من خرافاتهم، وهذا تعنت يأباه الانصاف، وكيف يكون الأمر كذلك وقد قال بذلك جماعة من الصحابة كما ثبت في الصحيحين أن جماعة ذكروا عند عائشة أن علياً وصي، وكما في غيرهما. واشتهر الخلاف بينهم في المسألة وسارت به الركبان" (6).
وبهذا يُفهم أن الشوكاني –رحمه الله تعالى- يذهب أيضاً إلى جواز إمامة المفضول بوجود من هو أفضل منه، وذلك في شرحه لكتاب (حدائق الأزهار)، فقد قال على شرط صاحب المتن (7) (بأن الإمام يجب أن يكون علوياً فاطمياً): "العلوي الفاطمي هو خيرة الخيرة من قريش، وأعلاها شرفاً وبيتاً، ولا ينفي ذلك صحّتها في سائر بطون قريش كما تدل عليه الأحاديث المصرحة بأن الأئمة من قريش" (8).
¥