تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولفظ (الليل والنهار) في كلام الشارع إذا أطلق، فالنهار من طلوع الفجر، / كما في قوله سبحانه وتعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ} [هود: 114]، وكما في قوله صلى الله عليه وسلم: (صم يومًا وأفطر يومًا) وقوله: (كالذي يصوم النهار ويقوم الليل) ونحو ذلك، فإنما أراد صوم النهار من طلوع الفجر، وكذلك وقت صلاة الفجر، وأول وقت الصيام بالنقل المتواتر المعلوم للخاصة والعامة والإجماع الذي لا ريب فيه بين الأمة، وكذلك في مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل مَثْنَى مَثْنَى، فإذا خِفْتَ الصبح فأوتر بركعة). ولهذا قال العلماء ـ كالإمام أحمد بن حنبل وغيره ـ: إن صلاة الفجر من صلاة النهار.

وأما إذا قال الشارع صلى الله عليه وسلم: (نصف النهار) فإنما يعني به النهار المبتدئ من طلوع الشمس، لا يريد قط ـ لا في كلامه ولا في كلام أحد من علماء المسلمين بنصف النهارـ النهار الذي أوله من طلوع الفجر؛ فإن نصف هذا يكون قبل الزوال؛ ولهذا غلط بعض متأخري الفقهاء ـ لما رأى كلام العلماء أن الصائم المتطوع يجوز له أن ينوي التطوع قبل نصف النهار؛ وهل يجوز له بعده؟ على قولين هما روايتان عن أحمد ـ ظن أن المراد بالنهار هنا نهار الصوم الذي أوله طلوع الفجر. وسبب غلطه في ذلك أنه لم يفرق بين مسمى النهار إذا أطلق، وبين مسمى نصف النهار، فالنهار الذي يضاف إليه نصف في كلام الشارع وعلماء أمته هو من طلوع الشمس، والنهار المطلق في وقت الصلاة والصيام من طلوع الفجر.

والنبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر بالنزول إذا بقي ثلث الليل، فهذا الليل/ ـ المضاف إليه الثلث يظهر أنه من جنس النهار المضاف إليه النصف ـ وهو الذي ينتهي إلى طلوع الشمس، وكذلك لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وقت العشاء إلى نصف الليل) أو (إلى الثلث)، فهو هذا الليل. وكذلك الفقهاء إذا أطلقوا ثلث الليل ونصفه؛ فهو كإطلاقهم نصف النهار. وهكذا أهل الحساب لا يعرفون غير هذا.

وقد يقال: بل هو الليل المنتهي بطلوع الفجر كما في الحديث الصحيح: (أفضل القيام قيام داود؛ كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه). واليوم المعتاد المشروع إلى طلوع الشمس بل إلى طلوع الفجر. فإن كان المراد بالحديث هذا، وحينئذ فإذا قدر ثلث الليل في أول المشرق يكون قبل طلوع الشمس عليهم بأربع ساعات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقي ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفرله؟ حتى يطلع الفجر). فقد أخبر بدوامه إلى طلوع الفجر، وفي رواية: (إلى أن ينصرف القارئ من صلاة الفجر). وقد قال تعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] تشهده ملائكة الليل والنهار، وقد قيل: يشهده اللّه وملائكته.


رقم الفتوى: 75634

عنوان الفتوى: ثلث الليل الآخر في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية

تاريخ الفتوى: 01 جمادي الثانية 1427/ 28 - 06 - 2006

السؤال

أصحاب الفضيلة أثابكم الله أشكل علي كلام شيخ الإسلام الذي سأورده ومحل الإشكال فيه أنه قرر أن إطلاق الشارع للفظ الليل والنهار يحمل على الليل والنهار الشرعيين وتقييده بنصف ونحوه في النهار يحمل على طلوع الشمس وتقييده في الليل بثلث ذكر وجهين ولم يجزم بأحدهما والسؤال هل ماذكره في تقييد الليل بأنه إما أن يكون إلى طلوع الشمس أو الفجر ينسحب على حساب نصف الليل أم أنه مقصور على محل المسألة وهو حساب ثلث الليل وإليكم نص كلامه من شرح حديث النزول 5/ 570 ومابعدها: (يقول شيخ الإسلام في فتاويه: (ولفظ الليل والنهار فى كلام الشارع اذا أطلق فالنهار من طلوع الفجر كما فى قوله سبحانه وتعالى: أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل وكما فى قوله: صم يوما وافطر يوما وقوله: كالذى يصوم النهار ويقوم الليل ونحو ذلك فإنما أراد صوم النهار من طلوع الفجر وكذلك وقت صلاة الفجر وأول وقت الصيام بالنقل المتواتر المعلوم للخاصة والعامة والاجماع الذى لا ريب فيه بين الامة وكذلك فى مثل قوله: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خفت الصبح فأوتر بركعة ولهذا قال العلماء كالإمام أحمد
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير