تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الصّوابَ، فيضِلّونَ بضلالِه، فيكونُ علَيهِ إثمُهم وإثمُ مَن اقتدَى بهِ إلى يومِ القيامةِ» (8).

وقال تعالى أيضاً: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين} [الأنعام:68].

قال الشوكاني: «الخِطابُ للنبّيّ صلّى الله عليه وسلّم، أو لكلِّ مَن يصلُح لَه، .. والمعنَى: إذا رَأيتَ الّذينَ يخوضُونَ في آياتِنا بالتّكذيبِ والرّدِّ والاستهزاءِ فَدَعْهُم، ولا تقعُدْ معَهم لسَماعِ مثلِ هذَا المنكرِ العظيمِ، حتّى يخوضُوا في حديثٍ مغايرٍ لَه، أمرَه اللهُ سبحَانَه بالإعرَاضِ عَن أهْلِ المجالِسِ الّتيِ يُستهانُ فيهَا بآياتِ اللهِ إلى غايةٍ، هيَ الخوضُ في غيرِ ذلِك.

وفي هذهِ الآيةِ موعِظةٌ عظيمةٌ لمن يتسمّحُ بمجالسةِ المبتدعةِ الّذينَ يحرّفونَ كلامَ اللهِ، ويتلاعَبُونَ بكتابِه وسنّةِ رسولِه، ويردّونَ ذلكَ إلى أهوائِهم المضلّةِ وبدعِهم الفاسدَةِ، فإنّه إذا لم ينكِرْ علَيهِم ويغيّرْ ما هُم فيهِ، فأقلّ الأحوالِ أن يترُكَ مجالستَهُم، وذلكَ يسيرٌ علَيهِ غيرُ عسيرٍ.

وقَد يجعلونَ حضورَه معَهُم ـ مَعَ تنزّهِهِ عمّا يتلبّسونَ بهِ ـ شبهةً يشبّهونَ بها علَى العامّةِ، فيكونُ في حضُورِه مفسدةٌ زائدةٌ على مجرّدِ سماعِ المنكرِ.

وقَد شاهَدْنا من هذهِ المجالِس الملعونةِ ما لا يأتيِ علَيهِ الحصرُ، وقُمنَا في نصرةِ الحقِّ ودفعِ الباطِلِ بما قدِرْنا علَيهِ، وبلغَت إليهِ طاقتُنا، ومَن عرفَ هذِه الشّريعةَ المطهّرةَ حقَّ معرفتِها، عَلِمَ أنّ مجالَسةَ أهلِ البدَعِ المضلّةِ فيِها مِن المفسدَةِ أضعافُ أضعافُ مَا في مجالسةِ من يعصِي اللهَ بفعلِ شَيءٍ مِن المحرّماتِ، ولا سيمّا لمن كانَ غيرَ راسِخِ القدمِ في عِلمِ الكتابِ والسنّةِ، فإنّه ربّما ينفُقُ علَيهِ مِن كذباتِهم وهذيانِهم ما هوَ مِن البطلانِ بأوضَحِ مكانٍ، فينقدِحُ في قلبهِ ما يصعبُ علاجُه ويعسُرُ دفعُهُ، فيعملُ بذلكَ مدّةَ عمرهِ، ويلقَى اللهَ بهِِ معتقداً أنّه مِن الحقِّ، وهوَ مِن أبطلِ الباطِلِ وأنكرِ المنكرِ» (9).

=============

(1) انظر الإبانة الكبرى (2/ 453 ـ 457).

(2) سبحان الله!، قارن هذا بما تسمعه الآن من كثير من المعاصرين، ما إن يأتي ذكر مبتدع ليُحذر منه ويُبيّن زيغه وزيفه حتّى تكفهرّ الوجوه وتزيغ الأعين ويُقال للمتكلم: اتق الله، أعرض عن ذكر الناس، أعراض الناس مصانة، لماذا لا تنصحه بينك وبينه؟ لماذا لا ترد عليه وترسل له الرد؟ أليس له حسنات؟ لا تبخس الناس حسناتهم؟ وهكذا في سلسلة من الاعتراضات الّتي تبيّن مدى تأثير هذه الشبهة في تفكير المسلمين اليوم، وهذا بسبب الابتعاد عن منهج السلف وطريقتهم ـ رضي الله عنهم ـ.

(3) تاريخ دمشق (8/ 6).

(4) الإبانة الكبرى (رقم486).

(5) الشريعة (1/ 457 ـ 458).

(6) أخرجه الترمذي في التفسير (ح3048)، وأبوداود في الملاحم (ح4336)، وابن ماجه في الفتن (ح4006).

(7) جامع البيان في تفسير القرآن (4/ 328).

(8) فتح القدير للشوكاني (1/ 291).

(9) فتح القدير للشوكاني (2/ 181).

منقول

http://www.alukah.net/majles/showthread.php?t=2645

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير