تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هل للرسول صلى الله عليه وسلم ظل؟ مقال]

ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[29 - 04 - 07, 11:11 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا مقال كتبتُه ونُشر في إحدى الجرائد بالكويت حول المسألة بطلب بعض الإخوة، وذلك أنه حصل أخذ ورد هناك حولها بسبب تصريح أحدهم في الإذاعة بالأمر، فهذا نص المقال، ثم أُتبعه بالرابط، مع التنبيه أنه حصل تصرف يسير من قبل الجريدة في المقال:

هل كان النبي صلى الله عليه وسلم من نور الله، ولم يكن له ظل؟

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وكفى، والصلاة والصلاة على رسوله المصطفى، وعلى آله وصحبه ومن لهداهم اقتفى.

أما بعد:

فإن من لوازم محبة الله محبةُ رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا تتحقق تلك المحبة إلا باتباعه عليه الصلاة والسلام، قال تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) (آل عمران: 31)، واتّباعُه الكامل -صلى الله عليه وسلم- يكون بفعل ما أمر، واجتناب نهى عنه وزجر، وتتبع سنّته، وعدم التدين بما لم يشرعه، والحذر من مخالفة سننه الفعلية والتَّركية.

ومما نهى عنه -صلوات الله وسلامه عليه- الغلو فيه فوق مرتبته التي جعلها الله له، وعدم الاكتفاء بالخصائص الكثيرة الثابتة في حقه، ففي صحيح البخاري من حديث عمر أنه قال عليه الصلاة والسلام: (لا تُطروني كما أطرت النصارى ابنَ مريم، فإنما أنا عبدُه، فقولوا: عبدُ الله ورسوله).

وصحَّ عن أنس رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا خيرنا وابن خيرنا، ويا سيّدنا وابن سيّدنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس قولوا بقولكم ولا يستفزّنّكم الشيطان، أنا عبد الله ورسوله، وما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلنيها الله). رواه النسائي في الكبرى وأحمد وغيرهما، وصححه ابن حبان والضياء وابن عبد الهادي في الصارم المنكي وابن مفلح في الآداب والألباني وغيرهم.

وللأسف الشديد فقد وقع في الأمة كثيرٌ مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من غلو، حتى وصل الأمر عند بعضهم إلى صرف بعض أنواع العبادة له من دون الله كالاستغاثة وغيرها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وأخصص هذه المقالة بالرد العلمي الموجز على إحدى عقائد أهل الغلو، وهي ادعاؤهم أن النبي صلى الله عليه وسلم خُلق من نور الله تعالى!

فأقول: إن المرجع في سائر أمور الشريعة هو الكتاب والسنّة الصحيحة، واتفق أهل العلم قاطبة على عدم الاعتماد في الاعتقاد إلا على الحديث الصحيح، فخرج ما كان ضعيفاً، ومن باب أولى: الحديث الموضوع، فكيف إذا علم القارئ أن الحديث الذي اعتمد عليه هؤلاء الغلاة لا أصل له في دواوين الحديث والسنّة مطلقا؟

فعمدة هؤلاء ما زعموا أنه حديثٌ مرويٌّ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أول ما خلق الله نور نبيّك يا جابر) .. وتتمة الحديث المزعوم طويلة ركيكة، فاقرأ واعجب: (ثم خلق فيه كل خير, وخلق بعده كل شيء, وحين خلقه أقامه قدامه من مقام القرب اثني عشر ألف سنة, ثم جعله أربعة أقسام، فخلق العرش والكرسي من قسم، وحملة العرش وخزنة الكرسي من قسم, وأقام القسم الرابع في مقام الحب اثني عشر ألف, ثم جعله أربعة أقسام فخلق القلم من قسم, واللوح من قسم, والجنة من قسم, ثم أقام القسم الرابع في مقام الخوف اثني عشر ألف سنة، [ .. ] جعله أربعة أجزاء فخلق الملائكة من جزء, والشمس من جزء, والقمر والكواكب من جزء, وأقام الجزء الرابع في مقام الرجاء اثني عشر ألف سنة, ثم جعله أربعة أجزاء فخلق العقل من جزء، والعلم والحكمة والعصمة والتوفيق من جزء، وأقام الجزء الرابع في مقام الحياء اثني عشر ألف سنة، ثم نظر الله عز وجل إليه فترشح النور عرقاً، فقطر منه مائة ألف وعشرون ألف وأربعة [وعشرون ألف وأربعة آلاف] قطرة من نور, فخلق الله من كل قطرة روح نبي, أو روح رسول، ثم تنفست أرواح الأنبياء، فخلق الله من أنفاسهم الأولياء والشهداء والسعداء والمطيعين إلى يوم القيامة, فالعرش والكرسي من نوري، والكروبيون من نوري، والروحانيون والملائكة من نوري، والجنة وما فيها من النعيم من نوري, وملائكة السموات السبع من نوري, والشمس والقمر والكواكب من نوري, والعقل والتوفيق من نوري, وأرواح الرسل والأنبياء من نوري, والشهداء

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير