تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و قولك: (وبعد ذلك ظهر القول بكراهة حلق اللحية عند بعض الشافعية المتأخرين وليس كلهم، وبعض المتأخرين منهم لم يوافق من قال بالكراهة)

أقول: نعم ليس كلهم و لكن الأكثرية و الجمهور علي الكراهة و منهم أئمة كبار في المذهب الشافعي و سأذكر أمثلة لهم:

(قول شيخ الإسلام زكريا الأنصاري: (((و) يكره (نتفها) أي اللحية أول طلوعها إيثارا للمرودة و حسن الصورة)) (1). و قد علق العلامة الرملي على هذا الكلام في حاشيته على كتاب أسنى المطالب بقوله: (((قوله: ويكره نتفها) أي اللحية إلخ , و مثله حلقها, فقول الحليمي في منهاجه لا يحل لأحد أن يحلق لحيته , و لا حاجبيه ضعيف)) (2).

الحمد لله أنك نقلت عن الحليمي قوله بالتحريم، وأنت تتسائل عن التحريم عند المتقدمين، فهاهو النص وفقك الله.

والرملي مخالف لمذهب الشافعية وقوله ضعيف، مع ملاحظة الفرق بين النتف والحلق في كلام زكريا الأنصاري.

و قال العلامة ابن حجر الهيتمي ما نصه: (((فرع) ذكروا هنا في اللحية و نحوها خصالا مكروهة , منها: نتفها و حلقها و كذا الحاجبان)) (3)

هذا النص ليس صريحا في كراهة الحلق، فكونهم ذكروا خصالا مكروهة في اللحية لايعني عدم تحريمها كما هو واضح، خاصة أنه جمع خصالا ممتعددة منها المروه ومنها المحرم فقصد بهذا الخصال التي تجتنب في اللحية، وعلى هذا يحمل كلام الغزالي والنووي وغيرهم، وليس في هذا متمسك لمن قال بأنهم يقولون بكراهة حلق اللحية فقط.

و قال العلامة البيجرمي في شرحه على الخطيب ما نصه: ((إن حلق اللحية مكروه حتى من الرجل و ليس حراما)) (4).

وأما قول البجيرمي فقول ضعيف مخالف لإجماع المسلمين وكلام ائمة الشافعية قبله.

(1) أسنى المطالب للشيخ زكريا الأنصاري ج1 ص551.

(2) حاشية أسنى المطالب للعلامة الرملي ج1 ص 551.

(3) تحفة المحتاج شرح المنهاج لابن حجر الهيتمي ج9 ص 375 و 376.

(4) حاشية البيجرمي على شرح الخطيب ج4 ص346.)

فائدة: قال الشافعية: المعتمد بعد الشيخين (و هما:الرافعي و النووي): ابن حجر الهيتمي و محمد الرملي , فلا تجوز الفتوى بما يخالفهما , فإن اختلفا قدم أهل مصر ما قاله الرملي و قدم أهل اليمن و الشام و الأكراد و الحجاز ما قاله ابن حجر , و ما لم يتعرضا له يفتى بما ذهب إليه شيخ الإسلام زكريا الأنصاري , ثم يؤخذ بعد ذلك بقول الخطيب الشربيني.

هذه الفائدة غير معتبرة فليس لشخص أن يحدد رجلا أو رجلين يجعلهما أئمة مذهب معين لايجوز الخروج عن أقوالهما، وهذا مخالف لدين الإسلام، أضف إلى وجود خلاف بينهم في ذلك كما في الفوائد المكية للسقاف.

و قولك: (وانظر حفظك الله إلى عدد من نقل الإجماع على تحريم حلق اللحية وعدم وجود الخلاف فيها قبل متأخري الشافعية فإن هذا يبين وهم من فهم من عبارة الشافعي أن المقصود بها الكراهة دون التحريم.)

أقول: كم من مسائل نقل فيها الإجماع و لا يكون الإجماع صحيحا.

نحن مع الإجماع حتى يرد ما يخالفه من قول معتبر، وليس هذا قول عالم واحد بل علماء أجلاء نقلوا الإجماع على ذلك.

و قولك: (وحتى لو قلنا بأن عبارة الشافعي محتملة للكراهة والتحريم، فقد فهم منها كبار علماء الشافعية الترحيم، بل نقل ابن الرفعة النص على أن الشافعي حرم حلق اللحية في الأم، وهذا النقل مهم جدا ونص في المسألة.)

أقول: قد فهم منها أيضا جمهور كبار علماء الشافعية الكراهة كما جاء في النقل الذي ذكرته آنفا , و ابن الرفعة متأخر فإن كان فهم التحريم فجمهور المتأخرين فهم الكراهة.

النقل شيء والفهم شيء آخر وفقك الله، فابن الرفعة ينقل نص الشافعي بتحريم حلق اللحية، فنحن هنا أمام نقل وليس فهم.

و قولك: (وأما كلام الإمام النووي رحمه الله (ولو قيل يحرم للنهي الصريح الصحيح لم يبعد) فالقصد من ذلك واضح في أن من قال بالتحريم لم يبعد وهذا يكفي في الاستدلال لما نريده)

أقول: أخالفك الرأي في هذا فلا يفيد كلام النووي التحريم و لا يصح نسبة القول إليه بالتحريم فقوله (لم يبعد) أقصي ما يفيده هو اقتراب التحريم و ليس وقوعه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير