تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذه الفتنة أصبحت على أشدها في زماننا هذا لكثرة الجماعات والفرق العاملة على الساحة، وكل جماعة تدعي أنها هي التي على الحق، وأن غيرها على باطل وضلال، وأصبح كل فرد ينضم إلى جماعة من هذه الجماعات يوالي من والاها ويعادي من عاداها، وتمزقت الأمة وتشتت شملها، والله سبحانه يقول: " واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا ... " [آل عمران 103]

وروى بعض أهل السنن وصححه الألباني أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم قال: " افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه اليوم وأصحابي "

** فتنة طلبة العلم.

وتتمثل هذه الفتنة في الإعجاب بالنفس ـ نعوذ بالله من ذلك ـ لما حصلوه من العلم، واحتقار الآخرين والنظر إليهم على أنهم جهلة وسفهاء لا وزن لهم ولا قيمة لهم.

** فتنة شبهات العلمانيين.

إن هؤلاء العلمانيين يشككون في ثوابت الدين، ويتطاولون على ذات الله، وعلى شخص رسول الله، وعلى كتاب الله، وعلى صحابة رسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وعلى أمهات المؤمنين الطاهرات، ليل نهار في كل وسائل الإعلام، ويلقون شبهاتهم في قلوب هؤلاء الذين يستمدون ثقافتهم من هذا الإعلام الفاسد، مما جعلهم ينقمون على الدعاة المخلصين الذين يبصرون الناس بأمر دينهم، ويتهمونهم بالتشدد والتطرف، وبأنهم يأتون بدين جديد، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

ثالثًا: أمثلة مضيئة للثبات على الحق عند الفتن.

** أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ يضرب لنا أروع المثل في الثبات في الفتن. ففي موت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصاب المسلمون بصدمة شديدة، حتى إن الفاروق عمر ـ رض الله عنه ـ يصاب بذهول ويقول: " من قال إن رسول الله قد مات لأضربن عنقه بسيفي هذا، وإنما ذهب للقاء ربه كما ذهب موسى للقاء ربه وسيعود، فقام الصديق ـ رضي الله عنه ـ وقال: " أيها الناس من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ".

* ولما نام ـ رضي الله عنه ـ على فراش الموت، دخلت عليه ابنته عائشة ـ رضي الله عنها ـ وهي تبكي وتقول: لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يومًا وضاق بها الصدر

فقال لها: لا يا بنيتي لا تقولي هذا، ولكن قولي: " وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد "

** عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ لما طعن وهو يصلي الصبح بالمسلمين، والجرح غائر، والألم شديد، ويحمل إلى بيته، ويدخل عليه ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ويقول له: " أبشر يا أمير المؤمنين لقد صحبت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأحسنت صحبته، وتوفي عنك رسول الله وهو عنك راضٍ، وصحبت أبا بكر فأحسنت صحبته، وتوفي وهو عنك راضٍ وصحبت أصحاب رسول الله وهم ـ إن شاء الله ـ عنك راضون ـ ثم شهادة في سبيل الله أبشر ببشرى الله عليك يا أمير المؤمنين، ثم بكى عمر وقال: والله لو أن لي ملء الأرض ذهبًا لافتديت به من عذاب الله قبل أن ألقاه ... ثم يدخل عليه شاب ـ وهو في آخر عهده بالدنيا ـ وهو يطيل ثوبه، فيقول له: " يا ابن أخي ارفع ثوبك فإنه أنقى لثوبك وأتقى لربك " إنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وهو في سكرات الموت فأي ثبات هذا؟!

** عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ لما أحاط الثوار ببيته ـ رأى في منامه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ينادي عليه ويقول له: أفطر عندنا غدًا يا عثمان، فعلم أنه مقتول، فأصبح وقد تطهر وأمسك بالمصحف وظل يقرأ القرآن حتى دخل عليه الثوار وقتلوه فاختلطت دماؤه الطاهرة بكلام الله تعالى.

** موقف السحرة من فرعون. لما تبين لهم صدق موسى ـ عليه السلام ـ وأنه لم يأت بالسحر آمنوا، فتوعدهم فرعون بأن يقطع أيديهم من خلاف ويصلبنهم في جذوع النخل، لم يهمهم ذلك، وثبتوا على تعذيب فرعون لهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير